للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُوَالَاةً لِفَقْدِ تَمَامِ الْمَاءِ} وَأُصُولُ الشَّرِيعَةِ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ} . وَاَلَّذِي لَمْ يُمْكِنْهُ الْمُوَالَاةُ - لِقِلَّةِ الْمَاءِ أَوْ انْصِبَابِهِ أَوْ اغْتِصَابِهِ مِنْهُ بَعْدَ تَحْصِيلِهِ أَوْ لِكَوْنِ الْمَنْبَعِ أَوْ الْمَكَانِ الَّذِي يَأْخُذُ مِنْهُ هُوَ وَغَيْرُهُ - كَالْأُنْبُوبِ أَوْ الْبِئْرِ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مِنْهُ الْمَاءُ إلَّا مُتَفَرِّقًا تَفَرُّقًا كَثِيرًا وَنَحْوَ ذَلِكَ -: لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ إلَّا هَكَذَا بِأَنْ يَغْسِلَ مَا أَمْكَنَهُ بِالْمَاءِ الْحَاضِرِ. وَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ ثُمَّ غَسَلَ الْبَاقِيَ بِمَاءِ حَصَّلَهُ فَقَدْ اتَّقَى اللَّهَ مَا اسْتَطَاعَ وَفَعَلَ مَا اسْتَطَاعَ مِمَّا أُمِرَ بِهِ. يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ عَجَزَ عَنْ غَسْلِ الْأَعْضَاءِ بِالْكُلِّيَّةِ لِعَدَمِ الْمَاءِ لَسَقَطَ عَنْهُ وَلَكَانَ فَرْضُهُ التَّيَمُّمَ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى غَسْلِ بَعْضِهَا فَعَنْهُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: قِيلَ: يَتَيَمَّمُ فَقَطْ لِئَلَّا يَجْمَعَ بَيْنَ بَدَلٍ وَمُبْدَلٍ. وَقِيلَ: يَسْتَعْمِلُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَيَتَيَمَّمُ لِلْبَاقِي. وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: بَلْ يَسْتَعْمِلُ ذَلِكَ فِي الْغُسْلِ دُونَ الْوُضُوءِ كَمَا يُذْكَرُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ. وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ الْمُوَالَاةِ فِي الْوُضُوءِ دُونَ الْغُسْلِ.