للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيت الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِرَكْعَةِ} . وَفُقَهَاءُ أَهْلِ الْحَدِيثِ يَخْتَارُونَ الْفَصْلَ لِصِحَّةِ الْآثَارِ وَكَثْرَتِهَا بِهِ وَإِنْ جَوَّزُوا الْوَصْلَ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّهُمْ لَا يَذْكُرُونَ بَيْنَ صُورَتَيْ الْوِتْرِ فَرْقًا: إلَّا كَوْنَ هَذَا مُتَّصِلًا وَهَذَا مُنْفَصِلًا. وَهَذَا هُوَ الْمُوَالَاةُ وَالتَّفْرِيقُ؛ فَتُبَيِّنُ أَنَّ السَّلَامَ الْعَمْدَ إنَّمَا أَبْطَلَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ وَنَحْوَهَا مِمَّا سُنَّتُهُ الِاتِّصَالُ: لِأَجْلِ تَفْرِيقِ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ بَعْضٍ وَهُوَ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ سَهْوًا لَمْ تَبْطُلْ وَكُلُّ مَا يُنَافِي الصَّلَاةَ مِنْ فِعْلٍ أَوْ عَمَلٍ كَثِيرٍ؛ أَوْ تَعَمُّدِ كَلَامٍ وَتَرْكِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهَا - مِنْ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ أَوْ سَتْرِ عَوْرَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ - فَإِنَّهُ مَعَ مُنَافَاتِهِ بِفَرْقِ بَيْنَ أَبْعَاضِ الصَّلَاةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا كَمَا يَخْرُجُ بِالسَّلَامِ؛ وَلِهَذَا ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِرَاقِ إلَى أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهَا بِكُلِّ مَا يُنَافِيهَا كَمَا يَخْرُجُ بِالسَّلَامِ لَكِنَّ فُقَهَاءَ الْحَدِيثِ وَأَهْلَ الْحِجَازِ مَنَعُوا ذَلِكَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطَّهُورُ وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ} وَلِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِيهَا إلَّا بِالْمَشْرُوعِ؛ وَلَا يَخْرُجُ إلَّا بِالْمَشْرُوعِ. وَمِمَّا يُوَضِّحُ الْكَلَامَ فِي هَذَا أُمُورٌ: أَحَدُهَا: أَنَّ مَنْ يُجَوِّزُ الْوِتْرَ بِثَلَاثِ مَفْصُولَةٍ - كَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد