اللَّهُ بِإِذْنِهِ لَمَّا بَلَّغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَ ابْنِ أبي مِنْ الْمُنَافِقِينَ ({لَئِنْ رَجَعْنَا إلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} وَكَذَّبَهُ مَنْ كَذَّبَهُ وَلَامَهُ مَنْ لَامَهُ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ قَوْلَهُ: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إلَى الْمَدِينَةِ} فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {هَذَا الَّذِي وَفَّى اللَّهُ بِإِذْنِهِ} وَهُوَ لَمْ يُصَلِّ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا بَعْدَ الْهِجْرَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ وَذَكَرَ أَنَّ النَّسْخَ حَصَلَ بِآيَةِ الْمُحَافَظَةِ وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ بِالِاتِّفَاقِ بَلْ قَدْ يُقَالُ: إنَّهَا إنَّمَا نَزَلَتْ عَامَ الْخَنْدَقِ لَمَّا شَغَلَهُ الْمُشْرِكُونَ عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى قَالَ: {مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا كَمَا شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ} - كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ - فَقَالَ هَؤُلَاءِ: إذَا كَانَتْ قِصَّةُ ذِي الْيَدَيْنِ قَبْلَ بَدْرٍ وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّ الْكَلَامَ كَانَ قَدْ حُرِّمَ أَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ إنَّمَا حُرِّمَ بَعْدَ ذَلِكَ بَلْ بَعْدَ عَامِ الْخَنْدَقِ الَّتِي هِيَ بَعْدَ بَدْرٍ بِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ: كَانَ مَنْسُوخًا. وَأَقْصَى مَا يُقَالُ: إنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ النَّسْخِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بَعْدَهُ فَلَا يَبْقَى فِيهِ حُجَّةٌ. وَنَجِدُ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ - مِمَّنْ يُخَالِفُ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْ غَيْرِهِمْ - يَقُولُ: هَذَا مَنْسُوخٌ وَقَدْ اتَّخَذُوا هَذَا مَجْنَةً (١)؛ كُلُّ حَدِيثٍ لَا يُوَافِقُ مَذْهَبَهُمْ يَقُولُونَ: هُوَ مَنْسُوخٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْسُوخٌ وَلَا يُثْبِتُوا مَا الَّذِي نَسَخَهُ.
(١) في المطبوعة: " محنة " والصواب ما أثبتناه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute