للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقُلْت: قَوْلِي مِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَمْثِيلٍ: يَنْفِي كُلَّ بَاطِلٍ وَإِنَّمَا اخْتَرْت هَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ؛ لِأَنَّ التَّكْيِيفَ مَأْثُورٌ نَفْيُهُ عَنْ السَّلَفِ كَمَا قَالَ رَبِيعَةُ، وَمَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَة وَغَيْرُهُمْ - الْمُقَالَةُ الَّتِي تَلَقَّاهَا الْعُلَمَاءُ بِالْقَبُولِ - الِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ وَالْكَيْفُ مَجْهُولٌ وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ " فَاتَّفَقَ هَؤُلَاءِ السَّلَفُ: عَلَى أَنَّ التَّكْيِيفَ غَيْرُ مَعْلُومٍ لَنَا فَنَفَيْت ذَلِكَ اتِّبَاعًا لِسَلَفِ الْأُمَّةِ. وَهُوَ أَيْضًا مَنْفِيٌّ بِالنَّصِّ فَإِنَّ تَأْوِيلَ آيَاتِ الصِّفَاتِ يَدْخُلُ فِيهَا حَقِيقَةُ الْمَوْصُوفِ وَحَقِيقَةُ صِفَاتِهِ وَهَذَا مِنْ التَّأْوِيلِ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ كَمَا قَدْ قَرَّرْت ذَلِكَ فِي قَاعِدَةٍ مُفْرَدَةٍ ذَكَرْتهَا فِي التَّأْوِيلِ وَالْمَعْنَى وَالْفَرْقُ بَيْنَ عِلْمِنَا بِمَعْنَى الْكَلَامِ وَبَيْنَ عِلْمِنَا بِتَأْوِيلِهِ وَكَذَلِكَ التَّمْثِيلُ: مَنْفِيٌّ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ الْقَدِيمِ مَعَ دَلَالَةِ الْعَقْلِ عَلَى نَفْيِهِ وَنَفْيِ التَّكْيِيفِ، إذْ كُنْهُ الْبَارِي غَيْرُ مَعْلُومٍ لِلْبَشَرِ، وَذَكَرْت فِي ضِمْنِ ذَلِكَ كَلَامَ الخطابي الَّذِي نَقَلَ أَنَّهُ مَذْهَبُ السَّلَفِ وَهُوَ إجْرَاءُ آيَاتِ الصِّفَاتِ وَأَحَادِيثِ الصِّفَاتِ عَلَى ظَاهِرِهَا مَعَ نَفْيِ الْكَيْفِيَّةِ وَالتَّشْبِيهِ عَنْهَا، إذْ الْكَلَامُ فِي الصِّفَاتِ فَرْعٌ عَلَى الْكَلَامِ فِي الذَّاتِ، يُحْتَذَى فِيهِ حَذْوُهُ وَيُتَّبَعُ فِيهِ مِثَالُهُ فَإِذَا كَانَ إثْبَاتُ الذَّاتِ: إثْبَاتَ وُجُودٍ لَا إثْبَاتَ تَكْيِيفٍ فَكَذَلِكَ إثْبَاتُ الصِّفَاتِ: إثْبَاتُ وُجُودٍ لَا إثْبَاتُ تَكْيِيفٍ