إذَا لَمْ يَجِدُوا النَّعْلَيْنِ بِلَا قَطْعٍ فَمَنْ اشْتَرَطَ الْقَطْعَ فَقَدْ خَالَفَ النَّصَّ فَإِنَّ السَّرَاوِيلَ الْمَفْتُوقَ وَالْخُفَّ الْمَقْطُوعَ لَا يَدْخُلُ فِي مُسَمَّى السَّرَاوِيلِ وَالْخُفِّ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَمَا أَنَّ الْقَمِيصَ إذَا فُتِقَ وَصَارَ قَطْعًا لَمْ يُسَمَّ سَرَاوِيلَ وَكَذَلِكَ الْبُرْنُسُ وَغَيْرُ ذَلِكَ. فَإِنَّمَا أَمَرَ بِالْقَطْعِ أَوَّلًا لِأَنَّ رُخْصَةَ الْبَدَلِ لَمْ تَكُنْ شُرِعَتْ فَأَمَرَهُمْ بِالْقَطْعِ حِينَئِذٍ لِأَنَّ الْمَقْطُوعَ يَصِيرُ كَالنَّعْلَيْنِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِخُفِّ. وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي إذْنِهِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ. وَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا يُلْبَسُ تَحْتَ الْكَعْبَيْنِ مِنْ مَدَاسٍ وَجُمْجُمٍ وَغَيْرِهِمَا كَالْخُفِّ الْمَقْطُوعِ تَحْتَ الْكَعْبَيْنِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ فَتَكُونُ إبَاحَتُهُ أَصْلِيَّةً كَمَا تُبَاحُ النَّعْلَانِ لَا أَنَّهُ أُبِيحَ عَلَى طَرِيقِ الْبَدَلِ وَإِنَّمَا الْمُبَاحُ عَلَى طَرِيقِ الْبَدَلِ هُوَ الْخُفُّ الْمُطْلَقُ وَالسَّرَاوِيلُ.
وَدَلَّتْ نُصُوصُهُ الْكَرِيمَةُ وَأَلْفَاظُهُ الشَّرِيفَةُ الَّتِي هِيَ مَصَابِيحُ الْهُدَى عَلَى أُمُورٍ يَحْتَاجُ النَّاسُ إلَى مَعْرِفَتِهَا قَدْ تَنَازَعَ فِيهَا الْعُلَمَاءُ: مِنْهَا: أَنَّهُ لَمَّا أَذِنَ لِلْمُحْرِمِ إذَا لَمْ يَجِدْ النَّعْلَيْنِ يَلْبَسُ الْخُفَّ: إمَّا مُطْلَقًا وَإِمَّا مَعَ الْقَطْعِ: كَانَ ذَلِكَ إذْنًا فِي كُلِّ مَا يُسَمَّى خُفًّا سَوَاءٌ كَانَ سَلِيمًا أَوْ مَعِيبًا. وَكَذَلِكَ لَمَّا أَذِنَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ كَانَ ذَلِكَ إذْنًا فِي كُلِّ خُفٍّ وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ قِيَاسَ حُكْمٍ عَلَى حُكْمٍ حَتَّى يُقَالَ: ذَاكَ أَبَاحَ لَهُ لُبْسَهُ وَهَذَا أَبَاحَ الْمَسْحَ عَلَيْهِ بَلْ الْمَقْصُودُ أَنَّ لَفْظَ الْخُفِّ فِي كَلَامِهِ يَتَنَاوَلُ هَذَا بِالْإِجْمَاعِ. فَعُلِمَ أَنَّ لَفْظَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute