للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} وَكَمَا قَالَ: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} . وَأَمَّا مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلَّا اللَّهُ؛ فَلَا يُطْلَبُ إلَّا مِنْ اللَّهِ؛ وَلِهَذَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ لَا يَسْتَغِيثُونَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَسْتَسْقُونَ بِهِ وَيَتَوَسَّلُونَ بِهِ كَمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ إنَّا كُنَّا إذَا أَجْدَبْنَا نَتَوَسَّلُ إلَيْك بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْك بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا فَيُسْقَوْنَ. وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد: {أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّا نَسْتَشْفِعُ بِاَللَّهِ عَلَيْك وَنَسْتَشْفِعُ بِك عَلَى اللَّهِ؛ فَقَالَ: شَأْنُ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ إنَّهُ لَا يُسْتَشْفَعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ} فَأَقَرَّهُ عَلَى قَوْلِهِ نَسْتَشْفِعُ بِك عَلَى اللَّهِ وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ نَسْتَشْفِعُ بِاَللَّهِ عَلَيْك. وَقَدْ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ نَبِيَّنَا شَفِيعٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَنَّ الْخَلْقَ يَطْلُبُونَ مِنْهُ الشَّفَاعَةَ لَكِنْ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّهُ يُشَفَّعُ فِي أَهْلِ الْكَبَائِرِ وَأَمَّا عِنْدَ الوعيدية فَإِنَّمَا يُشَفَّعُ فِي زِيَادَةِ الثَّوَابِ. وَقَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّ مَنْ تَوَسَّلَ إلَى اللَّهِ بِنَبِيِّ. فَقَالَ: أَتَوَسَّلُ إلَيْك بِرَسُولِك فَقَدْ اسْتَغَاثَ بِرَسُولِهِ حَقِيقَةً، فِي لُغَةِ الْعَرَبِ وَجَمِيعِ الْأُمَمِ قَدْ كُذِّبَ عَلَيْهِمْ فَمَا يُعْرَفُ هَذَا فِي لُغَةِ أَحَدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ بَلْ الْجَمِيعُ يَعْلَمُونَ أَنَّ الْمُسْتَغَاثَ مَسْئُولٌ بِهِ مَدْعُوٌّ وَيُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْمَسْئُولِ وَالْمَسْئُولِ بِهِ سَوَاءٌ اسْتَغَاثَ بِالْخَالِقِ