فَقَالَ: {لَا يُصَلِّيَنَّ بِالثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ} وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ حَافِيًا: فَعُلِمَ أَنَّ سَتْرَ هَذَا إلَى اللَّهِ أَحَبُّ مِنْ سَتْرِ الْقَدَمَيْنِ بِالنَّعْلَيْنِ؛ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ الْعَامَّةِ رُخِّصَ فِيهِ فِي الْبَدَنِ مِنْ غَيْرِ فِدْيَةٍ فَلَأَنْ يُرَخَّصَ فِي هَذَا بِطْرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى. فَإِنْ قِيلَ: فَيَنْبَغِي أَنْ يُرَخَّصَ فِي لُبْسِ الْقَمِيصِ وَالْجُبَّةِ وَنَحْوِهِمَا لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الرِّدَاءَ. قِيلَ: الْحَاجَةُ تَنْدَفِعُ بِأَنْ يَلْتَحِفَ بِذَلِكَ عَرْضًا مَعَ رَبْطِهِ وَعَقْدِ طَرَفَيْهِ فَيَكُونُ كَالرِّدَاءِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الرَّبْطُ فَإِنَّ طَرَفَيْ الْقَمِيصِ وَالْجُبَّةِ وَنَحْوِهِمَا لَا يَثْبُتُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ. وَكَذَلِكَ الْأَرْدِيَةُ الصِّغَارُ. فَمَا وَجَدَهُ الْمُحْرِمُ مِنْ قَمِيصٍ وَمَا يُشْبِهُهُ كَالْجُبَّةِ؛ وَمِنْ بُرْنُسٍ وَمَا يُشْبِهُهُ مِنْ ثِيَابٍ مُقَطَّعَةٍ: أَمْكَنَهُ أَنْ يَرْتَدِيَ بِهَا إذَا رَبَطَهَا؛ فَيَجِبُ أَنْ يُرَخَّصَ لَهُ فِي ذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَقْدُ فِي الْأَصْلِ مَحْظُورًا؛ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مَكْرُوهًا؛ فَعِنْدَ الْحَاجَةِ تَزُولُ الْكَرَاهَةُ كَمَا رُخِّصَ لَهُ أَنْ يَلْبَسَ الْهِمْيَانَ لِحِفْظِ مَالِهِ وَيَعْقِدَ طَرَفَيْهِ إذَا لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِالْعَقْدِ؛ وَهُوَ إلَى سَتْرِ مَنْكِبَيْهِ أَحْوَجُ: فَرُخِّصَ لَهُ عَقْدُ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاجَةِ بِلَا رَيْبٍ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذْكُرْ فِيمَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَمَا يُنْهَى عَنْهُ لَفْظًا عَامًّا يَتَنَاوَلُ عَقْدَ الرِّدَاءِ بَلْ سُئِلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ فَقَالَ: {لَا يَلْبَسُ الْقَمِيصَ وَلَا الْبَرَانِسَ وَلَا الْعَمَائِمَ وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute