وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ {: يَمْسَحُ الْمُقِيمُ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَالْمُسَافِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ} مَنْطُوقُهُ إبَاحَةُ الْمَسْحِ هَذِهِ الْمُدَّةَ وَالْمَفْهُومُ لَا عُمُومَ لَهُ بَلْ يَكْفِي أَنْ لَا يَكُونَ الْمَسْكُوتُ كَالْمَنْطُوقِ فَإِذَا خَالَفَهُ فِي صُورَةٍ حَصَلَتْ الْمُخَالَفَةُ فَإِذَا كَانَ فِيمَا سِوَى هَذِهِ الْمُدَّةِ لَا يُبَاحُ مُطْلَقًا بَلْ يُحْظَرُ تَارَةً وَيُبَاحُ أُخْرَى حَصَلَ الْعَمَلُ بِالْحَدِيثِ وَهَذَا وَاضِحٌ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ نَافِعَةٌ جِدًّا. فَإِنَّهُ مَنْ بَاشَرَ الْأَسْفَارَ فِي الْحَجِّ وَالْجِهَادِ وَالتِّجَارَةِ وَغَيْرِهَا: رَأَى أَنَّهُ فِي أَوْقَاتٍ كَثِيرَةٍ لَا يُمْكِنُ نَزْعُ الْخُفَّيْنِ وَالْوُضُوءُ إلَّا بِضَرَرِ يُبَاحُ التَّيَمُّمُ بِدُونِهِ وَاعْتُبِرَ ذَلِكَ بِمَا لَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَالْعَدُوُّ بِإِزَائِهِ فَفَائِدَةُ النَّزْعِ الْوُضُوءُ عَلَى الرِّجْلَيْنِ فَحَيْثُ يَسْقُطُ الْوُضُوءُ عَلَى الرِّجْلَيْنِ يَسْقُطُ النَّزْعُ وَقَدْ يَكُونُ الْوُضُوءُ وَاجِبًا لَوْ كَانَا بَارِزَتَيْنِ لَكِنْ مَعَ اسْتِتَارِهِمَا يَحْتَاجُ إلَى قَلْعِهِمَا وَغَسْلِ الرِّجْلَيْنِ ثُمَّ لُبْسُهُمَا ثَانِيًا إذَا لَمْ تَتِمَّ مَصْلَحَتُهُ إلَّا بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَمَرَّ فَإِنَّ طَهَارَتَهُ بَاقِيَةٌ وَبِخِلَافِ مَا إذَا تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَيْهِمَا: فَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ لَا يَضُرُّهُ. فَفِي هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ لَا يتوقت إذَا كَانَ الْوُضُوءُ سَاقِطًا فَيَنْتَقِلُ إلَى التَّيَمُّمِ فَإِنَّ الْمَسْحَ الْمُسْتَمِرَّ أَوْلَى مِنْ التَّيَمُّمِ وَإِذَا كَانَ فِي النَّزْعِ وَاللُّبْسِ ضَرَرٌ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ: فَلَأَنْ يُبِيحُ الْمَسْحَ أَوْلَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute