للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ اللَّمْسَ لَا يَنْقُضُ بِحَالِ وَإِنْ كَانَ لِشَهْوَةِ. كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ. وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ يَذْكُرُ رِوَايَةً عَنْ أَحْمَد؛ لَكِنَّ ظَاهِرَ مَذْهَبِهِ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ وَالْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ: أَنَّ اللَّمْسَ إنْ كَانَ لِشَهْوَةِ نَقَضَ وَإِلَّا فَلَا. وَلَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ مُتَوَجِّهٌ إلَّا هَذَا الْقَوْلُ أَوْ الَّذِي قَبْلَهُ. فَأَمَّا تَعْلِيقُ النَّقْضِ بِمُجَرَّدِ اللَّمْسِ فَهَذَا خِلَافُ الْأُصُولِ وَخِلَافُ إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَخِلَافُ الْآثَارِ. وَلَيْسَ مَعَ قَائِلِهِ نَصٌّ وَلَا قِيَاسٌ. فَإِنْ كَانَ اللَّمْسُ فِي قَوْله تَعَالَى أَوْ لَمَسْتُمْ النِّسَاءَ إذَا أُرِيدَ بِهِ اللَّمْسُ بِالْيَدِ وَالْقُبْلَةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ - كَمَا قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُ -: فَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ حَيْثُ ذُكِرَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ مَا كَانَ لِشَهْوَةِ مِثْلَ قَوْلِهِ فِي آيَةِ الِاعْتِكَافِ: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} وَمُبَاشَرَةُ الْمُعْتَكِفِ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُبَاشَرَةِ لِشَهْوَةِ. وَكَذَلِكَ الْمُحْرِمُ - الَّذِي هُوَ أَشَدُّ - لَوْ بَاشَرَ الْمَرْأَةَ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ بِهِ دَمٌ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} وَقَوْلُهُ: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ} فَإِنَّهُ لَوْ مَسَّهَا مَسِيسًا خَالِيًا مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ لَمْ يَجِبْ بِهِ عِدَّةٌ وَلَا يَسْتَقِرُّ بِهِ مَهْرٌ؛ وَلَا تَنْتَشِرُ بِهِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ: بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَسَّ الْمَرْأَةَ لِشَهْوَةِ