كَمَا كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَارَةً تَغْسِلُهُ وَتَارَةً تَفْرُكُهُ مِنْ ثَوْبِهِ. وَكَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولَانِ: أَمِطْهُ عَنْك وَلَوْ بإذخرة فَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُخَاطِ وَالْبُصَاقِ وَكَانَتْ عَمْرَةُ تَغْسِلُهُ مِنْ ثَوْبِهِ فَإِنْ كَانَ فِي اعْتِقَادِهِ نَجَاسَةُ الْمَنِيِّ فَهَذَا نِزَاعٌ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَالسُّنَّةُ تَفْصِلُ بَيْنَهُمْ. فَإِذَا كَانَتْ نَجَاسَةُ الْمَنِيِّ ضَعِيفَةً فِي السُّنَّةِ لِكَوْنِ النَّبِيِّ لَمْ يَأْمُرْ بِذَلِكَ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ لَكِنَّ هَذَا أَضْعَفُ لِكَوْنِ الصَّحَابَةِ لَمْ يَحْكِ أَحَدٌ مِنْهُمْ مُجَرَّدَ اللَّمْسِ الْعَارِي عَنْ الشَّهْوَةِ نَاقِضًا وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا فِي اللَّمْسِ الْمُعْتَادِ لِلشَّهْوَةِ كَالْقُبْلَةِ وَالْغَمْزِ بِالْيَدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَأَيْضًا فَإِيجَابُ الْوُضُوءِ مِنْ جِنْسِ اللَّمْسِ كَمَسِّ النِّسَاءِ وَمَسِّ الذَّكَرِ إنْ لَمْ يُعَلَّلْ بِكَوْنِهِ مَظِنَّةَ تَحْرِيكِ الشَّهْوَةِ وَإِلَّا كَانَ مُخَالِفًا لِلْأُصُولِ فَأَمَّا إذَا عُلِّلَ بِتَحْرِيكِ الشَّهْوَةِ كَانَ مُنَاسِبًا لِلْأُصُولِ وَهُنَا لِلْفُقَهَاءِ طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا: قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: إنَّ ذَلِكَ مَظِنَّةُ خُرُوجِ النَّاقِضِ فَأُقِيمَتْ الْمَظِنَّةُ مَقَامَ الْحَقِيقَةِ. وَهَذَا قَوْلٌ ضَعِيفٌ؛ فَإِنَّ الْمَظِنَّةَ إنَّمَا تُقَامُ مَقَامَ الْحَقِيقَةِ إذَا كَانَتْ الْحِكْمَةُ خَفِيَّةً وَكَانَتْ الْمَظِنَّةُ تُفْضِي إلَيْهَا غَالِبًا؛ وَكِلَاهُمَا مَعْدُومٌ؛ فَإِنَّ الْخَارِجَ لَوْ خَرَجَ لَعَلِمَ بِهِ الرَّجُلُ. وَأَيْضًا فَإِنَّ مَسَّ الذَّكَرِ لَا يُوجِبُ خُرُوجَ شَيْءٍ فِي الْعَادَةِ أَصْلًا؛ فَإِنَّ الْمَنِيَّ إنَّمَا يَخْرُجُ بِالِاسْتِمْنَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute