للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَابَ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْكُشُوفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَنَالُ بِبَصِيرَةِ الْقَلْبِ. وَالْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: قُوَّةُ الْقَلْبِ وَثَبَاتُهُ وَشَجَاعَتُهُ فَيَجْعَلُ اللَّهُ لَهُ سُلْطَانَ النُّصْرَةِ مَعَ سُلْطَانِ الْحُجَّةِ. وَفِي الْأَثَرِ: " الَّذِي يُخَالِفُ هَوَاهُ يَفْرُقُ الشَّيْطَانُ مِنْ ظِلِّهِ " وَلِهَذَا يُوجَدُ فِي الْمُتَّبِعِ لِهَوَاهُ مِنْ الذُّلِّ - ذُلِّ النَّفْسِ وَضَعْفِهَا وَمَهَانَتِهَا - مَا جَعَلَهُ اللَّهُ لِمَنْ عَصَاهُ فَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْعِزَّةَ لِمَنْ أَطَاعَهُ وَالذِّلَّةَ لِمَنْ عَصَاهُ قَالَ تَعَالَى: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} . وَلِهَذَا كَانَ فِي كَلَامِ الشُّيُوخِ: النَّاسُ يَطْلُبُونَ الْعِزَّ مِنْ أَبْوَابِ الْمُلُوكِ وَلَا يَجِدُونَهُ إلَّا فِي طَاعَةِ اللَّهِ. وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ: وَإِنْ هَمْلَجَتْ بِهِمْ الْبَرَاذِينُ وَطَقْطَقْت بِهِمْ الْبِغَالُ فَإِنَّ ذُلَّ الْمَعْصِيَةِ فِي رِقَابِهِمْ يَأْبَى اللَّهُ إلَّا أَنْ يُذِلَّ مَنْ عَصَاهُ. وَمَنْ أَطَاعَ اللَّهَ فَقَدْ وَالَاهُ فِيمَا أَطَاعَهُ فِيهِ وَمَنْ عَصَاهُ فَفِيهِ قِسْطٌ مِنْ فِعْلِ مَنْ عَادَاهُ بِمَعَاصِيهِ. وَفِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ: {أَنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْت وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْت.} وَالصُّوفِيَّةُ الْمَشْهُورُونَ عِنْدَ الْأُمَّةِ الَّذِينَ لَهُمْ لِسَانُ صِدْقٍ فِي الْأُمَّةِ لَمْ يَكُونُوا يَسْتَحِبُّونَ مِثْلَ هَذَا؛ بَلْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَلَهُمْ فِي الْكَلَامِ فِي ذَمِّ صُحْبَةِ الْأَحْدَاثِ وَفِي الرَّدِّ عَلَى أَهْلِ الْحُلُولِ وَبَيَانِ مُبَايَنَةِ الْخَالِقِ لِلْمَخْلُوقِ؛