للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّجَاسَةِ مَعَ الْوُضُوءِ مِنْ الْقُبْلَةِ فَإِنَّهُ قَدْ يُقَبِّلُ فَيُمْذِي وَقَدْ يُقَبِّلُ فَلَا يُمْذِي وَقَدْ يُمْذِي مِنْ غَيْرِ مُبَاشَرَةٍ. فَإِذَا قُدِّرَ أَنَّهُ لَا وُضُوءَ مِنْ مَسِّ النِّسَاءِ لَمْ يَنْفِ الْوُضُوءَ مِنْ الْمَذْيِ وَكَذَلِكَ بِالْعَكْسِ وَهَذَا بَيِّنٌ. وَأَضْعَفُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ الْوُضُوءُ اللُّغَوِيُّ وَهُوَ غَسْلُ الْيَدِ أَوْ الْيَدِ وَالْفَمِ فَإِنَّ هَذَا بَاطِلٌ مِنْ وُجُوهٍ. (أَحَدُهَا أَنَّ الْوُضُوءَ فِي كَلَامِ رَسُولِنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَرِدْ بِهِ قَطُّ إلَّا وُضُوءُ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا وَرَدَ بِذَلِكَ الْمَعْنَى فِي لُغَةِ الْيَهُودِ. كَمَا رُوِيَ: {أَنَّ سَلْمَانَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ فِي التَّوْرَاةِ مِنْ بَرَكَةِ الطَّعَامِ الْوُضُوءُ قَبْلَهُ. فَقَالَ: مِنْ بَرَكَةِ الطَّعَامِ الْوُضُوءُ قَبْلَهُ وَالْوُضُوءُ بَعْدَهُ} . فَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ تُنُوزِعَ فِي صِحَّتِهِ وَإِذَا كَانَ صَحِيحًا فَقَدْ أَجَابَ سَلْمَانُ بِاللُّغَةِ الَّتِي خَاطَبَهُ بِهَا لُغَةِ أَهْلِ التَّوْرَاةِ وَأَمَّا اللُّغَةُ الَّتِي خَاطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا أَهْلَ الْقُرْآنِ فَلَمْ يَرِدْ فِيهَا الْوُضُوءُ إلَّا فِي الْوُضُوءِ الَّذِي يَعْرِفُهُ الْمُسْلِمُونَ.

الثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ فَرَّقَ بَيْنَ اللَّحْمَيْنِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ غَسْلَ الْيَدِ وَالْفَمِ مِنْ الْغَمْرِ مَشْرُوعٌ مُطْلَقًا بَلْ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ تَمَضْمَضَ مِنْ لَبَنٍ