يُثَابُونَ عَلَى مَا فَعَلُوهُ فِي الْكُفْرِ. فِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمْ يُثَابُونَ عَلَى ذَلِكَ {لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ: أَسْلَمْت عَلَى مَا أَسْلَفْت مِنْ خَيْرٍ} وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ النُّصُوصِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَهُمْ صَلَاةٌ وَسُجُودٌ. وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَا يَنْفَعُهُمْ فِي الْآخِرَةِ إذَا مَاتُوا عَلَى الْكُفْرِ. وَأَيْضًا فَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ الْقُرْآنِ عَنْ سُجُودِ سَحَرَةِ فِرْعَوْنَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ} {قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} {رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ} وَذَلِكَ سُجُودٌ مَعَ إيمَانِهِمْ وَهُوَ مِمَّا قَبِلَهُ اللَّهُ مِنْهُمْ وَأَدْخَلَهُمْ بِهِ الْجَنَّةَ وَلَمْ يَكُونُوا عَلَى طَهَارَةٍ. وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا مَا لَمْ يَرِدْ شَرْعُنَا بِنَسْخِهِ. وَلَوْ قُرِئَ الْقُرْآنُ عَلَى كُفَّارٍ فَسَجَدُوا لِلَّهِ سُجُودَ إيمَانٍ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ رَأَوْا آيَةً مِنْ آيَاتِ الْإِيمَانِ فَسَجَدُوا لِلَّهِ مُؤْمِنِينَ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ لَنَفَعَهُمْ ذَلِكَ. وَمِمَّا يُبَيِّنُ هَذَا أَنَّ السُّجُودَ يُشْرَعُ مُنْفَرِدًا عَنْ الصَّلَاةِ كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَسُجُودِ الشُّكْرِ وَكَالسُّجُودِ عِنْدَ الْآيَاتِ فَإِنَّ {ابْنَ عَبَّاسٍ لَمَّا بَلَغَهُ مَوْتُ بَعْضِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ سَجَدَ وَقَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنَا إذَا رَأَيْنَا آيَةً أَنْ نَسْجُدَ} .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute