للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ أَوْجَبَ رِيبَةً قَوِيَّةً تَمْنَعُ الِاحْتِجَاجَ بِهِ عَلَى إثْبَاتِ مِثْلِ هَذَا الْأَصْلِ الْعَظِيمِ. وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ الْوِتْرَ رَكْعَةٌ وَهُوَ صَلَاةٌ وَكَذَلِكَ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَغَيْرِهَا فَعُلِمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ بَيَانَ مُسَمَّى الصَّلَاةِ وَتَحْدِيدَهَا فَإِنَّ الْحَدَّ يَطَّرِدُ وَيَنْعَكِسُ. فَإِنْ قِيلَ: قَصَدَ بَيَانَ مَا يَجُوزُ مِنْ الصَّلَاةِ. قِيلَ: مَا ذَكَرْتُمْ جَائِزٌ وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ أَيْضًا جَائِزٌ فَلَا يُمْكِنُ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ لَا عَلَى الِاسْمِ وَلَا عَلَى الْحُكْمِ. وَكُلُّ قَوْلٍ يَنْفَرِدُ بِهِ الْمُتَأَخِّرُ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَلَمْ يَسْبِقْهُ إلَيْهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ يَكُونُ خَطَأً كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إيَّاكَ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي مَسْأَلَةٍ لَيْسَ لَك فِيهَا إمَامٌ. وَأَمَّا سُجُودُ السَّهْوِ: فَقَدْ جَوَّزَهُ ابْنُ حَزْمٍ أَيْضًا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ وَإِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ الضَّعِيفِ. وَلِهَذَا لَا يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ وَلَيْسَ هُوَ مِثْلَ سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ؛ لِأَنَّ هَذَا سَجْدَتَانِ يَقُومَانِ مَقَامَ رَكْعَةٍ مِنْ الصَّلَاةِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ حَدِيثِ الشَّكِّ: {إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ