للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلَى خُرَاسَانَ وَلَمْ يَأْتِ إلَى غَيْرِ هَذِهِ الْبِلَادِ إلَّا مَرَّةً فِي مَجِيئِهِ إلَى دِمَشْقَ. وَهَذِهِ الْبِلَادُ الْمَذْكُورَةُ الْغَالِبُ عَلَيْهَا الْحَرُّ وَأَهْلُهَا لَا يَحْتَاجُونَ إلَى الْحَمَّامِ غَالِبًا؛ وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ الْحِجَازِ حَمَّامٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَائِهِ. وَلَمْ يَدْخُلْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمَّامًا وَلَا أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ وَلَا عُثْمَانُ. وَالْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْحَمَّامَ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ. وَلَكِنْ عَلِيٌّ لَمَّا قَدِمَ الْعِرَاقَ كَانَ بِهَا حَمَّامَاتٌ وَقَدْ دَخَلَ الْحَمَّامَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَبُنِيَ بِالْجُحْفَةِ حَمَّامٌ دَخَلَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ جَوَابُ أَحْمَد كَانَ مُطْلَقًا فِي نَفْسِهِ وَصُورَةُ الْحَاجَةِ لَمْ يَسْتَشْعِرْهَا نَفْيًا وَلَا إثْبَاتًا فَلَا يَكُونُ جَوَابُهُ مُتَنَاوِلًا لَهَا فَلَا يُحْكَى عَنْهُ فِيهَا كَرَاهَةٌ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَصَدَ بِجَوَابِهِ الْمَنْعَ الْعَامَّ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَعَدَمِهَا وَهَذَا أَبْعَدُ الْمَحَامِلِ الثَّلَاثَةِ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ كَلَامُهُ فَإِنَّ أُصُولَهُ وَسَائِرَ نُصُوصِهِ فِي نَظَائِرِ ذَلِكَ تَأْبَى ذَلِكَ وَهُوَ أَيْضًا مُخَالِفٌ لِأُصُولِ الشَّرِيعَةِ وَقَدْ نُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ لَمَّا مَرِضَ وُصِفَ لَهُ الْحَمَّامُ. وَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَا يَدْخُلُ الْحَمَّامَ اقْتِدَاءً بِابْنِ عُمَرَ فَإِنَّهُ كَانَ لَا يَدْخُلُهَا وَيَقُولُ هِيَ: مِنْ رَقِيقِ الْعَيْشِ وَهَذَا مُمْكِنٌ فِي أَرْضٍ