وَكَذَلِكَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ أَيْضًا مِنْ أَقْوَى الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ فَنَفْيُ الْحُكْمِ بِالِاسْتِحْبَابِ لِانْتِفَاءِ دَلِيلٍ مُعَيَّنٍ مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلِ بَاقِي الْأَدِلَّةِ خَطَأٌ عَظِيمٌ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا} وَقَالَ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} وَقَالَ تَعَالَى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} وَلَمْ تَكُنْ الْبِغَالُ مَوْجُودَةً بِأَرْضِ الْعَرَبِ وَلَمْ يَرْكَبْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَةً إلَّا الْبَغْلَةَ الَّتِي أَهْدَاهَا لَهُ الْمُقَوْقَسُ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ بَعْدَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ. وَهَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ. وَمِثْلُهَا فِي الْقُرْآنِ: يَمْتَنُّ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ بِنِعَمِهِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ بِأَرْضِ الْحِجَازِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إلَى طَعَامِهِ} {أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا} {ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا} . {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا} {وَعِنَبًا وَقَضْبًا} {وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا} {وَحَدَائِقَ غُلْبًا} . {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} . وَلَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ الْحِجَازِ زَيْتُونٌ وَلَا نُقِلَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَكَلَ زَيْتُونًا. وَلَكِنْ لَعَلَّ الزَّيْتَ كَانَ يُجْلَبُ إلَيْهِمْ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} وَلَمْ يَكُنْ بِأَرْضِهِمْ لَا هَذَا وَلَا هَذَا وَلَا نُقِلَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَكَلَ مِنْهُمَا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ} وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {كُلُوا الزَّيْتَ وَادْهُنُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute