وَكَذَلِكَ تَعْلِيلُ النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْمَقْبَرَةِ بِنَجَاسَةِ التُّرَابِ هُوَ ضَعِيفٌ فَإِنَّ النَّهْيَ عَنْ الْمَقْبَرَةِ مُطْلَقًا وَعَنْ اتِّخَاذِ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ وَنَحْوِ ذَلِكَ مَا يُبَيِّنُ. أَنَّ النَّهْيَ لِمَا فِيهِ مِنْ مَظِنَّةِ الشِّرْكِ وَمُشَابَهَةِ الْمُشْرِكِينَ. وَأَيْضًا فَنَجَاسَةُ تُرَابِ الْمَقْبَرَةِ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى " مَسْأَلَةِ الِاسْتِحَالَةِ " وَمَسْجِدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ مَقْبَرَةً لِلْمُشْرِكِينَ وَفِيهِ نَخْلٌ وَخَرِبٌ. فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّخْلِ فَقُطِعَتْ وَجُعِلَتْ قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ وَأَمَرَ بِالْخَرِبِ فَسُوِّيَتْ وَأَمَرَ بِالْقُبُورِ فَنُبِشَتْ فَهَذِهِ مَقْبَرَةٌ مَنْبُوشَةٌ كَانَ فِيهَا الْمُشْرِكُونَ. ثُمَّ لَمَّا نَبَشَ الْمَوْتَى جُعِلَتْ مَسْجِدًا مَعَ بَقَاءِ مَا بَقِيَ فِيهَا مِنْ التُّرَابِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ التُّرَابُ نَجِسًا لَوَجَبَ أَنْ يَنْقُلَ مِنْ الْمَسْجِدِ التُّرَابَ النَّجِسَ لَا سِيَّمَا إذَا اخْتَلَطَ الطَّاهِرُ بِالنَّجِسِ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَنْقُلَ مَا يَتَيَقَّنَ بِهِ زَوَالَ النَّجَاسَةِ وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ وَلَمْ يَأْمُرْ بِاجْتِنَابِ ذَلِكَ التُّرَابِ وَلَا بِإِزَالَةِ مَا يُصِيبُ الْأَبْدَانَ وَالثِّيَابَ مِنْهُ. فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْحُكْمَ مُعَلَّقٌ بِظُهُورِ الْقُبُورِ لَا بِظَنِّ نَجَاسَةِ التُّرَابِ؛ وَأَيْضًا مَنْ عَلَّلَ ذَلِكَ بِالنَّجَاسَةِ فَإِنَّ غَايَتَهُ أَنْ يَكْرَهَ الصَّلَاةَ عِنْدَ الِاحْتِمَالِ. كَمَا قَالَهُ مَنْ كَرِهَ الصَّلَاةَ فِي الْمَقْبَرَةِ وَالْحَمَّامِ وَالْأَعْطَانِ وَلَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute