وَمِنْ الْمَعْلُومِ بِالْعَادَاتِ: أَنَّ الْمَاءَ الْمُطَهِّرَ وَالْجَارِيَ عَلَى أَرْضِ الْحَمَّامِ أَكْثَرُ مِنْ النَّجَاسَاتِ بِكَثِيرِ كَثِيرٍ. فَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَاءُ قَدْ طَهَّرَ مَا مَرَّ عَلَيْهِ مِنْ نَجَسٍ فَإِنَّ اغْتِسَالَ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ وَلَا نَجَسٍ فِي الْحَمَّامَاتِ أَكْثَرُ مِنْ اغْتِسَالِهِمْ مِنْ إحْدَى هَاتَيْنِ الطَّهَارَتَيْنِ وَهُمْ يَصُبُّونَ عَلَى أَبْدَانِهِمْ مِنْ الْمَاءِ الْقَرَاحِ الَّذِي يَنْفَصِلُ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَغَيُّرٌ يَسِيرٌ بِيَسِيرِ السِّدْرِ وَالْأُشْنَانِ فَهَذَا لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مُطَهِّرًا بَلْ الرَّاجِحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ - وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد - الَّتِي نَصَّهَا فِي أَكْثَرِ أَجْوِبَتِهِ: أَنَّ الْمَاءَ الْمُتَغَيِّرَ بِالطَّاهِرِ كَالْحِمْصِ وَالْبَاقِلَاءِ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ طَهُورًا مَا دَامَ اسْمُ الْمَاءِ يَتَنَاوَلُهُ كَالْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ كَمَاءِ الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ وَمَا تَغَيَّرَ بِمَا يَشُقُّ صَوْنُهُ عَنْهُ مِنْ الطُّحْلُبِ وَوَرَقِ الشَّجَرِ وَغَيْرِهِمَا فَإِنَّ شُمُولَ اسْمِ الْمَاءِ فِي اللُّغَةِ لِهَذِهِ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ وَاحِدٌ. فَإِنْ كَانَ لَفْظُ الْمَاءِ فِي قَوْلِهِ: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} يَتَنَاوَلُ أَحَدَ هَذِهِ الْأَصْنَافِ فَقَدْ تَنَاوَلَ الْآخَرَيْنِ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ مُتَنَاوِلٌ لِلْمُتَغَيِّرِ ابْتِدَاءً وَطَرْدًا لِمَا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَيَتَنَاوَلُ الثَّالِثَ إذْ الْفَرْقُ إنَّمَا يَعُودُ إلَى أَمْرٍ مَعْهُودٍ وَهُوَ أَنَّ هَذَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَهَذَا لَا يُمْكِنُ وَهَذَا الْفَرْقُ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِي اللُّغَةِ وَيَتَنَاوَلُ اللَّفْظَ لِمَعْنَاهُ وَشُمُولِ الِاسْمِ مُسَمَّاهُ فَيَحْتَاجُ الْمُفَرِّقُ إلَى دَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ. وَقَدْ ثَبَتَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute