للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاحْتَجَّ هَؤُلَاءِ بِقَوْلِهِ: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} وَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا فِيمَا يَعْلَقُ بِالْوَجْهِ وَالْيَدِ وَالصَّخْرُ لَا يَعْلَقُ لَا بِالْوَجْهِ وَلَا بِالْيَدِ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ تُرَابُ الْحَرْثِ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا طَهُورًا} قَالُوا: فَعَمَّ الْأَرْضَ بِحُكْمِ الْمَسْجِدِ وَخَصَّ تُرْبَتَهَا - وَهُوَ تُرَابُهَا - بِحُكْمِ الطَّهَارَةِ. قَالُوا: وَلِأَنَّ الطَّهَارَةَ بِالْمَاءِ اخْتَصَّتْ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْمَائِعَاتِ بِمَا هُوَ مَاءٌ فِي الْأَصْلِ فَكَذَلِكَ طَهَارَةُ التُّرَابِ تَخْتَصُّ بِمَا هُوَ تُرَابٌ فِي الْأَصْلِ وَهُمَا الْأَصْلَانِ اللَّذَانِ خُلِقَ مِنْهُمَا آدَمَ: الْمَاءُ. وَالتُّرَابُ. وَهُمَا الْعُنْصُرَانِ الْبَسِيطَانِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْمَائِعَاتِ وَالْجَامِدَاتِ فَإِنَّهَا مُرَكَّبَةٌ. وَاحْتَجَّ الْأَوَّلُونَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {صَعِيدًا} قَالُوا: وَالصَّعِيدُ هُوَ الصَّاعِدُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَهَذَا يَعُمُّ كُلَّ صَاعِدٍ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى. {وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا} وَقَوْلِهِ: {فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا} . وَاحْتَجَّ مَنْ لَمْ يَخُصَّ الْحُكْمَ بِالتُّرَابِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ} وَفِي رِوَايَةٍ {فَعِنْدَهُ مَسْجِدُهُ وَطَهُورُهُ} فَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ الْمُسْلِمَ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ عِنْدَهُ مَسْجِدُهُ وَطَهُورُهُ.