للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنْ كَانَ قَدْ قَالَ هَذَا: كَانَ لَهُ قَوْلَانِ. وَمِنْ الْمُفَسِّرِينَ مَنْ يَجْعَلُ هَذَا قَوْلَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ؛ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى الْحُكْمِ. فَيَجْعَلُ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ اتِّفَاقًا عَلَى الْإِضْمَارِ كَمَا ذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ. قَالَ: وَلِلْعُلَمَاءِ فِي الْمُرَادِ بِالْآيَةِ قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ مُحْدِثِينَ فَاغْسِلُوا فَصَارَ الْحَدَثُ مُضْمَرًا فِي وُجُوبِ الْوُضُوءِ. وَهَذَا قَوْلُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَأَبِي مُوسَى وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَالْفُقَهَاءِ. قَالَ: وَالثَّانِي أَنَّ الْكَلَامَ عَلَى إطْلَاقِهِ مِنْ غَيْرِ إضْمَارٍ فَيَجِبُ الْوُضُوءُ عَلَى كُلِّ مَنْ يُرِيدُ الصَّلَاةَ مُحْدِثًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُحْدِثٍ. وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ عِكْرِمَةَ وَابْنِ سِيرِين. وَنُقِلَ عَنْهُمْ: أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ غَيْرُ مَنْسُوخٍ. وَنُقِلَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ: أَنَّ ذَلِكَ كَانَ وَاجِبًا بِالسُّنَّةِ. وَهُوَ مَا رَوَى بريدة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى يَوْمَ الْفَتْحِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ بِوُضُوءِ وَاحِدٍ. وَقَالَ: عَمْدًا فَعَلْته يَا عُمَرُ} . قُلْت: أَمَّا الْحُكْمُ - وَهُوَ أَنَّ مَنْ تَوَضَّأَ لِصَلَاةِ صَلَّى بِذَلِكَ