للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَقُولُ: إنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ السَّعْيَ إذَا أَتَى الْجُمُعَةَ قَبْلَ النِّدَاءِ. وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى عَهْدِ نَبِيِّهِمْ كَانُوا يَتَوَضَّئُونَ لِلْفَجْرِ وَغَيْرِهَا قَبْلَ الْوَقْتِ وَكَذَلِكَ الْمَغْرِبُ. فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعَجِّلُهَا وَيُصَلِّيهَا إذَا تَوَارَتْ الشَّمْسُ بِالْحِجَابِ. وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ كَانَتْ بُيُوتُهُمْ بَعِيدَةً مِنْ الْمَسْجِدِ. فَهَؤُلَاءِ لَوْ لَمْ يَتَوَضَّئُوا قَبْلَ الْمَغْرِبِ: لَمَا أَدْرَكُوا مَعَهُ أَوَّلَ الصَّلَاةِ بَلْ قَدْ تَفُوتُهُمْ جَمِيعًا لِبُعْدِ الْمَوَاضِعِ. وَهُوَ نَفْسُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَتَوَضَّأُ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَلَا مَنْ حَضَرَ عِنْدَهُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا كَانَ يَأْمُرُ أَحَدًا بِتَجْدِيدِ الْوُضُوءِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ. وَهَذَا كُلُّهُ مَعْلُومٌ مَقْطُوعٌ بِهِ. وَمَا أَعْرِفُ فِي هَذَا خِلَافًا ثَابِتًا عَنْ الصَّحَابَةِ: أَنَّ مَنْ تَوَضَّأَ قَبْلَ الْوَقْتِ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ. وَلَا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا لِمِثْلِ هَذَا تَجْدِيدُ وُضُوءٍ. وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ صَلَّى بِالْوُضُوءِ الْأَوَّلِ: هَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ التَّجْدِيدُ؟ وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُصَلِّ بِهِ: فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ إعَادَةُ الْوُضُوءِ؛ بَلْ تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ فِي مِثْلِ هَذَا بِدْعَةٌ مُخَالِفَةٌ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِمَا عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَهُ إلَى هَذَا الْوَقْتِ. فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا قَبْلَ الْقِيَامِ قَدْ أَدَّى هَذَا الْوَاجِبَ قَبْلَ تَضْيِيقِهِ كَالسَّاعِي إلَى الْجُمُعَة قَبْلَ النِّدَاءِ وَكَمَنْ قَضَى الدَّيْنَ قَبْلَ حُلُولِهِ؛ وَلِهَذَا