للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً. وَالتَّيَمُّمُ رُخْصَةٌ. فَقَدْ يَظُنُّ الظَّانُّ: أَنَّهَا لَا تُبَاحُ إلَّا مَعَ خَفِيفِ الْحَدَثِ وَالْجَنَابَةِ كَالرِّيحِ وَالِاحْتِلَامِ بِخِلَافِ الْغَائِطِ وَالْجِمَاعِ. فَإِنَّ التَّيَمُّمَ مَعَ ذَلِكَ وَالصَّلَاةَ مَعَهُ: مِمَّا تَسْتَعْظِمُهُ النُّفُوسُ وَتَهَابُهُ. فَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُ كِبَارِ الصَّحَابَةِ تَيَمُّمَ الْجُنُبِ مُطْلَقًا. وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَهَابُ الصَّلَاةَ مَعَ الْحَدَثِ بِالتَّيَمُّمِ إذْ كَانَ جَعْلُ التُّرَابِ طَهُورًا كَالْمَاءِ: هُوَ مِمَّا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّتَهُ. وَمَنْ لَمْ يَسْتَحْكِمْ إيمَانُهُ: لَا يَسْتَجِيزُ ذَلِكَ. فَبَيَّنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: أَنَّ التَّيَمُّمَ مَأْمُورٌ بِهِ مَعَ تَغْلِيظِ الْحَدَثِ بِالْغَائِطِ وَتَغْلِيظِ الْجَنَابَةِ بِالْجِمَاعِ. وَالتَّقْدِيرُ: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ مُسَافِرِينَ أَوْ كَانَ - مَعَ ذَلِكَ - جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ. لَيْسَ الْمَقْصُودُ: أَنْ يُجْعَلَ الْغَائِطُ وَالْجِمَاعُ فِيمَا لَيْسَ مَعَهُ مَرَضٌ أَوْ سَفَرٌ. فَإِنَّهُ إذَا جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ وَلَيْسُوا مَرْضَى وَلَا مُسَافِرِينَ. فَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ {إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} وَبِقَوْلِهِ: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} فَدَلَّتْ الْآيَةُ عَلَى وُجُوبِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ عَلَى الصَّحِيحِ وَالْمُقِيمِ. وَأَيْضًا فَتَخْصِيصُهُ الْمَجِيءَ مِنْ الْغَائِطِ وَالْجِمَاعِ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَا يَتَيَمَّمُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ دُونَ مَا هُوَ أَخَفُّ مِنْ ذَلِكَ مِنْ خُرُوجِ الرِّيحِ وَمِنْ