يَنْتَابُونَ الْأَمَاكِنَ الْمُنْخَفِضَةَ وَهِيَ الْغَائِطُ. وَهُوَ كَقَوْلِك: جَاءَ مِنْ الْمِرْحَاضِ. وَجَاءَ مِنْ الْكَنِيفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. هَذَا كُلُّهُ عِبَارَةٌ عَمَّنْ جَاءَ وَقَدْ قَضَى حَاجَتَهُ بِالْبَوْلِ أَوْ الْغَائِطِ. وَالرِّيحُ يَخْرُجُ مَعَهُمَا. وَقَدْ تَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ: هَلْ تَنْقُضُ الرِّيحُ لِكَوْنِهَا تَسْتَصْحِبُ جُزْءًا مِنْ الْغَائِطِ. فَلَا يَكُونُ عَلَى هَذَا نَوْعًا آخَرَ؟ أَوْ هِيَ لَا تَسْتَصْحِبُ جُزْءًا مِنْ الْغَائِطِ. بَلْ هِيَ نَفْسُهَا تَنْقُضُ. وَنَقْضُهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ. وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ فِي قَوْلِهِ: {إذَا قُمْتُمْ} سَوَاءٌ كَانَ أُرِيدَ الْقِيَامُ مِنْ النَّوْمِ أَوْ مُطْلَقًا. فَإِنَّ الْقِيَامَ مِنْ النَّوْمِ: مُرَادٌ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ. وَهُوَ إنَّمَا نُقِضَ بِخُرُوجِ الرِّيحِ. هَذَا مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَجُمْهُورِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ: أَنَّ النَّوْمَ نَفْسَهُ لَيْسَ بِنَاقِضِ وَلَكِنَّهُ مَظِنَّةُ خُرُوجِ الرِّيحِ. وَقَدْ ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى أَنَّ النَّوْمَ نَفْسَهُ يَنْقُضُ وَنَقْضُ الْوُضُوءِ بِقَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ. وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ {عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ حَتَّى يَغُطَّ ثُمَّ يَقُومُ يُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأُ وَيَقُولُ: تَنَامُ عَيْنَايَ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي} . فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قَلْبَهُ الَّذِي لَمْ يَنَمْ كَانَ يَعْرِفُ بِهِ أَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ وَلَوْ كَانَ النَّوْمُ نَفْسُهُ كَالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَالرِّيحِ: لَنَقَضَ كَسَائِرِ النَّوَاقِضِ. وَأَيْضًا قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ " أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ حَتَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute