مِنْ تَفَرُّقِ الْكَلِمَةِ فَلَوْ أُظْهِرَتْ الْحُجَّةُ الَّتِي يَنْتَصِرُ بِهَا مَا ذَكَرْته أَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَئِمَّةِ أَصْحَابِهِمْ مَنْ يُوَافِقُهَا لَصَارَتْ فِرْقَةً وَلَصَعُبَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُظْهِرُوا فِي الْمَجَالِسِ الْعَامَّةِ الْخُرُوجَ عَنْ أَقْوَالِ طَوَائِفِهِمْ بِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَمَكُّنِ أَعْدَائِهِمْ مِنْ أَغْرَاضِهِمْ. فَإِذَا كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ مَذَاهِبِهِمْ مَنْ يَقُولُ ذَلِكَ وَقَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ وَبَانَ أَنَّهُ مَذْهَبُ السَّلَفِ: أَمْكَنَهُمْ إظْهَارُ الْقَوْلِ بِهِ مَعَ مَا يَعْتَقِدُونَهُ فِي الْبَاطِنِ. مِنْ أَنَّهُ الْحَقُّ حَتَّى قَالَ لِي بَعْضُ الْأَكَابِرِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ - وَقَدْ اجْتَمَعَ بِي - لَوْ قُلْت هَذَا مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَثَبَتَ عَلَى ذَلِكَ لَانْقَطَعَ النِّزَاعُ.
وَمَقْصُودُهُ أَنَّهُ يَحْصُلُ دَفْعُ الْخُصُومِ عَنْك بِأَنَّهُ مَذْهَبٌ مَتْبُوعٌ وَيَسْتَرِيحُ الْمُنْتَصِرُ وَالْمُنَازِعُ مِنْ إظْهَارِ الْمُوَافَقَةِ. فَقُلْت: لَا وَاَللَّهِ؛ لَيْسَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي هَذَا اخْتِصَاصٌ وَإِنَّمَا هَذَا اعْتِقَادُ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ؛ وَقُلْت أَيْضًا هَذَا اعْتِقَادُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُلُّ لَفْظٍ ذَكَرْته فَأَنَا أَذْكُرُ بِهِ آيَةً أَوْ حَدِيثًا أَوْ إجْمَاعًا سَلَفِيًّا وَأَذْكُرُ مَنْ يَنْقُلُ الْإِجْمَاعَ عَنْ السَّلَفِ مِنْ جَمِيعِ طَوَائِفِ الْمُسْلِمِينَ وَالْفُقَهَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَالْمُتَكَلِّمِين وَأَهْلِ الْحَدِيثِ وَالصُّوفِيَّةِ. وَقُلْت لِمَنْ خَاطَبَنِي مَنْ أَكَابِرِ الشَّافِعِيَّةِ - لِأُبَيِّنَ أَنَّ مَا ذَكَرْته هُوَ قَوْلُ السَّلَفِ وَقَوْلُ أَئِمَّةِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَذْكُرُ قَوْلَ الْأَشْعَرِيِّ وَأَئِمَّةِ أَصْحَابِهِ الَّتِي تَرُدُّ عَلَى هَؤُلَاءِ الْخُصُومِ وَلِيَنْتَصِرَن كُلُّ شَافِعِيٍّ وَكُلُّ مَنْ قَالَ بِقَوْلِ الْأَشْعَرِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute