للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْأَقْوَى: أَنَّ هَذَا لَا يَجِبُ بَلْ غَسْلُهُمَا بِنِيَّةِ الِاغْتِرَافِ يُجْزِئُ عَنْ تَكْرَارِ غَسْلِهِمَا كَمَا فِي التَّيَمُّمِ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يَغْسِلُ ذِرَاعَيْهِ بِيَدَيْهِ؛ فَيَكُونُ هَذَا غَسْلًا لِبَاطِنِ الْيَدِ. وَلَوْ قِيلَ: بَلْ بَقِيَ غَسْلُهُمَا ابْتِدَاءً وَمَعَ الْوَجْهِ يَسْقُطُ فَرْضُهُمَا كَمَا قِيلَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي التَّيَمُّمِ: لَكَانَ مُتَوَجِّهًا. فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْوُضُوءِ: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إلَى الْمَرَافِقِ} كَمَا قَالَ فِي التَّيَمُّمِ: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} فَفِي الْوُضُوءِ أَخَّرَ ذِكْرَ الْيَدِ. لَكِنَّ الرِّوَايَةَ الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا الْبُخَارِيُّ: تُبَيِّنُ أَنَّهُ مَسَحَ ظَهْرَ الْكَفَّيْنِ قَبْلَ الْوَجْهِ. وَسَائِرُ الرِّوَايَاتِ مُجْمَلَةٌ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَمَّا مَسَحَ لَمْ يَمْسَحْ الرَّاحَتَيْنِ بَعْدَ الْوَجْهِ فَكَذَلِكَ ظَهْرُ الْكَفَّيْنِ بَلْ مَسَحَ ظَهْرَهُمَا مَعَ بَطْنِهِمَا؛ لِأَنَّ مَسْحَهُمَا جُمْلَةً أَقْرَبُ إلَى التَّرْتِيبِ. فَإِنَّ مَسْحَ الْعُضْوِ الْوَاحِدِ بَعْضَهُ مَعَ بَعْضٍ أَوْلَى مِنْ تَفْرِيقِ ذَلِكَ. وَأَيْضًا: فَتَكُونُ الرَّاحَتَانِ مَمْسُوحَتَيْنِ مَعَ ظَهْرِ الْكَفِّ. وَالِاعْتِدَادُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ الِاعْتِدَادِ بِمَسْحِهِمَا مَعَ الْوَجْهِ. وَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ - مِنْ أَنَّهُ يَجْعَلُ الْأَصَابِعَ لِلْوَجْهِ وَبُطُونَ الرَّاحَتَيْنِ لِظُهُورِ الْكَفَّيْنِ - خِلَافُ مَا جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ.