للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَلِهَذَا كَانَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ كَطَائِفَةِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ حَرَجٌ فِي التَّفْرِيقِ فَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا الْمَرِيضُ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَطَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَيَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي الْمَطَرِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ: كَمَالِكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد. وَقَالَ أَحْمَد: يَجْمَعُ إذَا كَانَ لَهُ شُغْلٌ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: إذَا كَانَ لَهُ عُذْرٌ يُبِيحُ لَهُ تَرْكُ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ جَازَ الْجَمْعُ. فَمَذْهَبُ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ وَفُقَهَاءِ الْحَدِيثِ: كَمَالِكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْه وَأَبِي ثَوْرٍ وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَغَيْرِهِمْ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَا يَجُوزُ التَّفْوِيتُ بِأَنْ يُؤَخِّرَ صَلَاةَ النَّهَارِ إلَى اللَّيْلِ وَصَلَاةَ اللَّيْلِ إلَى النَّهَارِ. وَمَذْهَبُ طَائِفَةٍ مِنْ فُقَهَاءِ الْكُوفَةِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ إلَّا بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ. وَكَذَلِكَ إذَا تَعَذَّرَ فِعْلُهَا فِي الْوَقْتِ أَخَّرَهَا عَنْ الْوَقْتِ وَقَوْلُ مَنْ أَمَرَ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَفْوِيتٍ أَرْجَحُ مِنْ قَوْلِ مَنْ أَمَرَ بِالتَّفْوِيتِ وَلَمْ يَأْمُرْ بِالْجَمْعِ؛ فَإِنَّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِفِعْلِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا وَأَمَرَ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} هَذِهِ نَزَلَتْ