فَلَا يَسْتَبِيحُ إلَّا مَا نَوَاهُ. فَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد. وَقِيلَ: بَلْ التَّيَمُّمُ يَقُومُ مَقَامَ الْمَاءِ مُطْلَقًا يَسْتَبِيحُ بِهِ كَمَا يُسْتَبَاحُ بِالْمَاءِ وَيَتَيَمَّمُ قَبْلَ الْوَقْتِ كَمَا يَتَوَضَّأُ قَبْلَ الْوَقْتِ وَيَبْقَى بَعْدَ الْوَقْتِ كَمَا تَبْقَى طَهَارَةُ الْمَاءِ بَعْدَهُ. وَإِذَا تَيَمَّمَ لِنَافِلَةِ صَلَّى بِهِ الْفَرِيضَةَ كَمَا أَنَّهُ إذَا تَوَضَّأَ لِنَافِلَةِ صَلَّى بِهِ الْفَرِيضَةَ. وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ. وَقَالَ أَحْمَد: هَذَا هُوَ الْقِيَاسُ. وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ يَدُلُّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالِاعْتِبَارُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَ التَّيَمُّمَ مُطَهِّرًا كَمَا جَعَلَ الْمَاءَ مُطَهِّرًا. فَقَالَ تَعَالَى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} الْآيَةَ. فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُطَهِّرَنَا بِالتُّرَابِ كَمَا يُطَهِّرُنَا بِالْمَاءِ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِخَمْسِ: جُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ وَأُحِلَّتْ لَنَا الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدِ قَبْلِي. وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا وَفِي لَفْظٍ فَأَيُّمَا رَجُلٌ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ مِنْ أُمَّتِي فَعِنْدَهُ مَسْجِدُهُ وَطَهُورُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute