للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقُلْت: إنِّي عَدَلْت عَنْ لَفْظِ التَّأْوِيلِ إلَى لَفْظِ التَّحْرِيفِ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيفَ اسْمٌ جَاءَ الْقُرْآنُ بِذَمِّهِ؛ وَأَنَا تَحَرَّيْت فِي هَذِهِ الْعَقِيدَةِ اتِّبَاعَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَنَفَيْت مَا ذَمَّهُ اللَّهُ مِنْ التَّحْرِيفِ وَلَمْ أَذْكُرْ فِيهَا لَفْظَ التَّأْوِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ لَهُ عِدَّةُ مَعَانٍ؛ كَمَا بَيَّنْته فِي مَوْضِعِهِ مِنْ الْقَوَاعِدِ. فَإِنَّ مَعْنَى لَفْظِ التَّأْوِيلِ فِي كِتَابِ اللَّهِ غَيْرُ لَفْظِ التَّأْوِيلِ فِي اصْطِلَاحِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ وَالْفِقْهِ. وَغَيْرُ مَعْنَى لَفْظِ التَّأْوِيلِ فِي اصْطِلَاحِ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ وَالسَّلَفِ. وَقُلْت لَهُمْ ذَكَرْت فِي النَّفْيِ التَّمْثِيلَ وَلَمْ أَذْكُرْ التَّشْبِيهَ؛ لِأَنَّ التَّمْثِيلَ نَفَاهُ اللَّهُ بِنَصِّ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} . وَأَخَذُوا يَذْكُرُونَ نَفْيَ التَّشْبِيهِ وَالتَّجْسِيمِ وَيُطْنِبُونَ فِي هَذَا وَيُعْرِضُونَ بِمَا يَنْسُبُهُ بَعْضُ النَّاسِ إلَيْنَا مِنْ ذَلِكَ. فَقُلْت قَوْلِي مِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَمْثِيلٍ يَنْفِي كُلَّ بَاطِلٍ؛ وَإِنَّمَا اخْتَرْت هَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ: لِأَنَّ التَّكْيِيفَ مَأْثُورٌ نَفْيُهُ عَنْ السَّلَفِ كَمَا قَالَ رَبِيعَةُ وَمَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَة وَغَيْرُهُمْ الْمَقَالَةَ - الَّتِي تَلَقَّاهَا الْعُلَمَاءُ بِالْقَبُولِ - الِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ وَالْكَيْفُ مَجْهُولٌ وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ فَاتَّفَقَ هَؤُلَاءِ السَّلَفُ عَلَى أَنَّ الْكَيْفَ غَيْرُ مَعْلُومٍ لَنَا فَنَفَيْت ذَلِكَ اتِّبَاعًا لِسَلَفِ الْأُمَّةِ. وَهُوَ أَيْضًا مَنْفِيٌّ بِالنَّصِّ. فَإِنَّ تَأْوِيلَ آيَاتِ الصِّفَاتِ يَدْخُلُ فِيهَا حَقِيقَةُ