للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ " فَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَةِ الْقَلِيلِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ كَالسَّمْنِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ فَإِنَّهُ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ السَّائِلِ سَمْنٌ فَوْقَ قُلَّتَيْنِ يَقَعُ فِيهِ فَأْرَةٌ حَتَّى يُقَالَ فِيهِ: تَرْكُ الاستفصال فِي حِكَايَةِ الْحَالِ مَعَ قِيَامِ الِاحْتِمَالِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ بَلْ السَّمْنُ الَّذِي يَكُونُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي أَوْعِيَتِهِمْ يَكُونُ فِي الْغَالِبِ قَلِيلًا فَلَوْ صَحَّ الْحَدِيثُ لَمْ يَدُلّ إلَّا عَلَى نَجَاسَةِ الْقَلِيلِ. فَإِنَّ الْمَائِعَاتِ الْكَثِيرَةَ إذَا وَقَعَتْ فِيهَا نَجَاسَةٌ فَلَا يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَتِهَا لَا نَصٌّ صَحِيحٌ وَلَا ضَعِيفٌ وَلَا إجْمَاعٌ وَلَا قِيَاسٌ صَحِيحٌ. وَعُمْدَةُ مَنْ يُنَجِّسُهُ يَظُنُّ أَنَّ النَّجَاسَةَ إذَا وَقَعَتْ فِي مَاءٍ أَوْ مَائِعٍ سَرَتْ فِيهِ كُلِّهِ فَنَجَّسَتْهُ. وَقَدْ عُرِفَ فَسَادُ هَذَا وَأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِطَرْدِهِ فَإِنَّ طَرْدَهُ يُوجِبُ نَجَاسَةَ الْبَحْرِ بَلْ الَّذِينَ قَالُوا؛ هَذَا الْأَصْلَ الْفَاسِدَ: مِنْهُمْ مَنْ اسْتَثْنَى مَا لَا يَتَحَرَّكُ أَحَدُ طَرَفَيْهِ بِتَحَرُّكِ الْآخَرِ وَمِنْهُمْ مَنْ اسْتَثْنَى فِي بَعْضِ النَّجَاسَاتِ مَا لَا يُمْكِنُ نَزْحُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ اسْتَثْنَى مَا فَوْقَ الْقُلَّتَيْنِ وَعَلَّلَ بَعْضُهُمْ الْمُسْتَثْنَى بِمَشَقَّةِ التَّنْجِيسِ وَبَعْضُهُمْ بِعَدَمِ وُصُولِ النَّجَاسَةِ إلَى الْكَثِيرِ وَبَعْضُهُمْ بِتَعَذُّرِ التَّطْهِيرِ وَهَذِهِ الْعِلَلُ مَوْجُودَةٌ فِي الْكَثِيرِ مِنْ الْأَدْهَانِ: فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي الْحَبِّ الْعَظِيمِ قَنَاطِيرُ مُقَنْطَرَةٌ مِنْ الزَّيْتِ وَلَا يُمْكِنُهُمْ صِيَانَتُهُ عَنْ الْوَاقِعِ وَالدُّورُ وَالْحَوَانِيتُ مَمْلُوءَةٌ مِمَّا لَا يُمْكِنُ صِيَانَتُهُ كَالسُّكَّرِ وَغَيْرِهِ فَالْعُسْرُ وَالْحَرَجُ بِتَنْجِيسِ هَذَا عَظِيمٌ جِدًّا.