للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْأَسْوَدِ الدؤلي. قَالَ: سُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ؟ فَقَالَ: إنَّمَا حُرِّمَ مِنْ الْمَيْتَةِ لَحْمُهَا وَدَمُهَا. قُلْت: فَهَذِهِ فَتَاوَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَالزُّهْرِيِّ مَعَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ هُوَ رَاوِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ ثُمَّ إنَّ قَوْلَ مَعْمَرٍ فِي الْحَدِيثِ الضَّعِيفِ فَلَا تَقْرَبُوهُ مَتْرُوكٌ عِنْدَ عَامَّةِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْأَئِمَّةِ فَإِنَّ جُمْهُورَهُمْ يُجَوِّزُونَ الِاسْتِصْبَاحَ بِهِ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يُجَوِّزُ بَيْعَهُ أَوْ تَطْهِيرَهُ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ: {فَلَا تَقْرَبُوهُ} . وَمَنْ نَصَرَ هَذَا الْقَوْلَ يَقُولُ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ} احْتِرَازٌ عَنْ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْإِنَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَتَنَجَّسُ وَالْمَفْهُومُ لَا عُمُومَ لَهُ وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ مَا لَيْسَ بِمَاءِ يَتَنَجَّسُ فَإِنَّ الْهَوَاءَ وَنَحْوَهُ لَا يَتَنَجَّسُ وَلَيْسَ بِمَاءِ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ: إنَّ الْمَاءَ لَا يَجْنُبُ احْتِرَازٌ عَنْ الْبَدَنِ فَإِنَّهُ يَجْنُبُ وَلَا يَقْتَضِي ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَا لَيْسَ بِمَاءِ يَجْنُبُ وَلَكِنْ خُصَّ الْمَاءُ بِالذِّكْرِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ لِلْحَاجَةِ إلَى بَيَانِ حُكْمِهِ فَإِنَّ بَعْضَ أَزْوَاجِهِ اغْتَسَلَتْ فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَتَوَضَّأَ بِسُؤْرِهَا فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ جُنُبًا فَقَالَ: {إنَّ الْمَاءَ لَا يَجْنُبُ} مَعَ أَنَّ الثَّوْبَ لَا يَجْنُبُ وَالْأَرْضَ لَا تَجْنُبُ وَتَخْصِيصُ الْمَاءِ بِالذِّكْرِ لِمُفَارَقَةِ الْبَدَنِ لَا لِمُفَارَقَةِ كُلِّ شَيْءٍ وَكَذَلِكَ قَالُوا: لَهُ {أَنَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بضاعة. وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى