للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَبْلَغُ وَطُرِدَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ صُوَرِ الِاسْتِحَالَةِ. فَإِنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحِيلَ مِنْ النَّجَاسَاتِ طَاهِرٌ كَمَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالظَّاهِرِيَّةِ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَحْمَد وَوَجْهٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ دَفْعَ الْمَائِعَاتِ لِلنَّجَاسَةِ عَنْ نَفْسِهَا كَدَفْعِ الْمَاءِ لَا يَخْتَصُّ بِالْمَاءِ بَلْ هَذَا الْحُكْمُ ثَابِتٌ فِي التُّرَابِ وَغَيْرِهِ؛ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي النَّجَاسَةِ إذَا أَصَابَتْ الْأَرْضَ وَذَهَبَتْ بِالشَّمْسِ أَوْ الرِّيحِ أَوْ الِاسْتِحَالَةِ هَلْ تَطْهُرُ الْأَرْضُ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: تَطْهُرُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي الدَّلِيلِ. فَإِنَّهُ ثَبَتَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: {كَانَتْ الْكِلَابُ تُقْبِلُ وَتُدْبِرُ وَتَبُولُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ} . وَفِي السُّنَنِ أَنَّهُ قَالَ: {إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيَنْظُرْ فِي نَعْلَيْهِ فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا أَذًى فَلْيُدَلِّكْهُمَا فِي التُّرَابِ فَإِنَّ التُّرَابَ لَهُمَا طَهُورٌ} . وَكَانَ الصَّحَابَةُ كَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَغَيْرِهِ يَخُوضُونَ فِي الْوَحْلِ ثُمَّ يَدْخُلُونَ يُصَلُّونَ بِالنَّاسِ وَلَا يَغْسِلُونَ أَقْدَامَهُمْ. وَأَوْكَدُ مِنْ هَذَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذُيُولِ النِّسَاءِ إذَا أَصَابَتْ أَرْضًا طَاهِرَةً بَعْدَ أَرْضٍ خَبِيثَةٍ: {تِلْكَ بِتِلْكَ} وَقَوْلُهُ. {يُطَهِّرُهُ