للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّادِسُ: أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ لِلسَّامِعِ عِنْدَ تَجَرُّدِ قَلْبِهِ عَنْ الْوَسْوَاسِ وَالتَّمْرِيحِ فَإِنَّهُ لَا يَفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: فَإِنَّهُ كَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ الْبَوْلِ إلَّا بَوْلَ نَفْسِهِ. وَلَوْ قِيلَ: أَنَّهُ لَمْ يَخْطُرْ لِأَكْثَرِ النَّاسِ عَلَى بَالِهِمْ جَمِيعُ الْأَبْوَالِ: مِنْ بَوْلِ بَعِيرٍ. وَشَاةٍ وَثَوْرٍ لَكَانَ صِدْقًا. السَّابِعُ: أَنَّهُ يَكْفِي بِأَنْ يُقَالَ: إذَا احْتَمَلَ أَنْ يُرِيدَ بَوْلَ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَعْهُودُ وَأَنْ يُرِيدَ جَمِيعَ جِنْسِ الْبَوْلِ لَمْ يَجُزْ حَمْلُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا إلَّا بِدَلِيلِ فَيَقِفُ الِاسْتِدْلَالُ. وَهَذَا لَعَمْرِي تَنْزِلُ وَإِلَّا فَاَلَّذِي قَدَّمْنَا أَصْلٌ مُسْتَقِرٌّ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الْبَوْلِ الْمَعْهُودِ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَوْلِ وَهُوَ بَوْلُ نَفْسِهِ الَّذِي يُصِيبُهُ غَالِبًا وَيَتَرَشْرَشُ عَلَى أَفْخَاذِهِ وَسُوقِهِ وَرُبَّمَا اسْتَهَانَ بِإِنْقَائِهِ وَلَمْ يَحْكُمْ الِاسْتِنْجَاءَ مِنْهُ فَأَمَّا بَوْلُ غَيْرِهِ مِنْ الْآدَمِيِّينَ فَإِنَّ حُكْمَهُ وَإِنْ سَاوَى حُكْمَ بَوْلِ نَفْسِهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ بَلْ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْحَقِيقَةِ وَالِاسْتِوَاءُ فِي الْحَقِيقَةِ يُوجِبُ الِاسْتِوَاءَ فِي الْحُكْمِ. أَلَا تَرَى أَنَّ أَحَدًا لَا يَكَادُ يُصِيبُهُ بَوْلُ غَيْرِهِ وَلَوْ أَصَابَهُ لَسَاءَهُ ذَلِكَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا أَخْبَرَ عَنْ أَمْرٍ مَوْجُودٍ غَالِبٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُهُ: {اتَّقُوا الْبَوْلَ فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ} فَكَيْفَ يَكُونُ عَامَّةُ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْ شَيْءٍ لَا يَكَادُ يُصِيبُ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ وَهَذَا بَيِّنٌ لَا خَفَاءَ بِهِ.