مُلَابَسَتِهِ حَتَّى لَا يَسْتَخِفَّ بِهِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ عَلَى أَنَّهُ يُقَالُ فِي عَذِرَةِ الْإِنْسَانِ وَبَوْلِهِ مِنْ الْخَبَثِ وَالنَّتِنِ وَالْقَذِرِ مَا لَيْسَ فِي عَامَّةِ الْأَبْوَالِ وَالْأَرْوَاثِ. وَفِي الْجُمْلَةِ فَإِلْحَاقُ الْأَبْوَالِ بِاللُّحُومِ فِي الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ أَحْسَنُ طَرْدًا مِنْ غَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي: فَنَقُولُ ذَلِكَ الْأَصْلُ فِي الْآدَمِيِّينَ مُسَلَّمٌ وَاَلَّذِي جَاءَ عَنْ السَّلَفِ إنَّمَا جَاءَ فِيهِمْ مِنْ الِاسْتِحَالَةِ فِي أَبْدَانِهِمْ وَخُرُوجُهُ مِنْ الشِّقِّ الْأَعْلَى أَوْ الْأَسْفَلِ فَمِنْ أَيْنَ يُقَالُ كَذَلِكَ سَائِرُ الْحَيَوَانِ؛ وَقَدْ مَضَتْ الْإِشَارَةُ إلَى الْفَرْقِ ثُمَّ مُخَالِفُوهُمْ يَمْنَعُونَهُمْ أَكْثَرَ الْأَحْكَامِ فِي الْبَهَائِمِ؛ فَيَقُولُونَ: قَدْ ثَبَتَ أَنَّ مَا خَبُثَ لَحْمُهُ خَبُثَ لَبَنُهُ وَمَنِيُّهُ؛ بِخِلَافِ الْآدَمِيِّ فَبَطَلَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فِي الِاسْتِحَالَةِ: بَلْ قَدْ يَقُولُونَ: إنَّ جَمِيعَ الْفَضَلَاتِ الرَّطْبَةِ مِنْ الْبَهَائِمِ حُكْمُهَا سَوَاءٌ فَمَا طَابَ لَحْمُهُ طَابَ لَبَنُهُ وَبَوْلُهُ وَرَوْثُهُ وَمَنِيُّهُ وَعَرَقُهُ وَرِيقُهُ وَدَمْعُهُ. وَمَا خَبُثَ لَحْمُهُ خَبُثَ لَبَنُهُ وَرِيقُهُ وَبَوْلُهُ وَرَوْثُهُ وَمَنِيُّهُ وَعَرَقُهُ وَدَمْعُهُ وَهَذَا قَوْلٌ يَقُولُهُ أَحْمَد فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَقَدْ قَالَهُ غَيْرُهُ. وَبِالْجُمْلَةِ فَاللَّبَنُ وَالْمَنِيُّ يَشْهَدُ لَهُمْ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَالْحَيَوَانِ شَهَادَةً قَاطِعَةً وَبِاسْتِوَاءِ الْفَضَلَاتِ مِنْ الْحَيَوَانِ ضَرْبًا مِنْ الشَّهَادَةِ؛ فَعَلَى هَذَا يُقَالُ لِلْإِنْسَانِ يُفَرِّقُ بَيْنَ مَا يَخْرُجُ مِنْ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ لِمَا اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ فَإِنَّهُ مُنْتَصِبُ الْقَامَةِ نَجَاسَتُهُ كُلُّهَا فِي أَعَالِيهِ. وَمَعِدَتُهُ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ اسْتِحَالَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute