الطَّعَامَ. فَهَذَا كُلُّهُ يُبَيِّنُ أَشْيَاءَ: مِنْهَا أَنَّ الْأَبْوَالَ قَدْ يُخَفَّفُ شَأْنُهَا بِحَسَبِ الْمَطْعَمِ كَالصَّبِيِّ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْمُبَاحَاتِ لَا تَكُونُ مَطَاعِمُهَا إلَّا طَيِّبَةً فَغَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ أَنْ تَكُونَ أَبْوَالُهَا طَاهِرَةً لِذَلِكَ. وَمِنْهَا أَنَّ الْمَطْعَمَ إذَا خَبُثَ وَفَسَدَ حَرُمَ مَا نَبَتَ مِنْهُ مِنْ لَحْمٍ وَلَبَنٍ وَبَيْضٍ؛ كَالْجَلَّالَةِ وَالزَّرْعِ الْمُسَمَّدِ وَكَالطَّيْرِ الَّذِي يَأْكُلُ الْجِيَفَ فَإِذَا كَانَ فَسَادُهُ يُؤَثِّرُ فِي تَنْجِيسِ مَا تُوجِبُهُ الطَّهَارَةُ وَالْحِلُّ فَغَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ أَنْ يَكُونَ طَيِّبُهُ وَحِلُّهُ يُؤَثِّرُ فِي تَطْهِيرِ مَا يَكُونُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ نَجِسًا مُحَرَّمًا فَإِنَّ الْأَرْوَاث وَالْأَبْوَالَ مُسْتَحِيلَةٌ مَخْلُوقَةٌ فِي بَاطِنِ الْبَهِيمَةِ كَغَيْرِهَا مِنْ اللَّبَنِ وَغَيْرِهِ. يُبَيِّنُ هَذَا مَا يُوجَدُ فِي هَذِهِ الْأَرْوَاثِ مِنْ مُخَالَفَتِهَا غَيْرَهَا مِنْ الْأَرْوَاثِ فِي الْخَلْقِ وَالرِّيحِ وَاللَّوْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الصِّفَاتِ فَيَكُونُ فَرْقُ مَا بَيْنَهَا فَرْقُ مَا بَيْنَ اللَّبَنَيْنِ وَالْمُنْبِتَيْنِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ خِلَافُهَا لِلْإِنْسَانِ. يُؤَكِّدُ ذَلِكَ مَا قَدْ بَيَّنَّاهُ مِنْ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الزَّمَنِ الْمُتَقَدِّمِ وَإِلَى الْيَوْمِ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَمِصْرٍ مَا زَالُوا يَدُوسُونَ الزُّرُوعَ الْمَأْكُولَةَ بِالْبَقَرِ وَيُصِيبُ الْحَبَّ مِنْ أَرْوَاثِ الْبَقَرِ وَأَبْوَالِهَا وَمَا سَمِعْنَا أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute