للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُتَبَايِنَيْنِ فَإِنَّ الطَّهَارَةَ مِنْهُ طَهَارَةٌ عَنْ حَدَثٍ وَتَطْهِيرُهُ إزَالَةُ خَبَثٍ وَهُمَا جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْأَسْبَابُ وَالْأَحْكَامُ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ؛ فَإِنَّ هَذِهِ تَجِبُ لَهَا النِّيَّةُ دُونَ تِلْكَ. وَهَذِهِ مِنْ بَابِ فِعْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَتِلْكَ مِنْ بَابِ اجْتِنَابِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَهَذِهِ مَخْصُوصَةٌ بِالْمَاءِ أَوْ التُّرَابِ وَقَدْ تُزَالُ تِلْكَ بِغَيْرِ الْمَاءِ فِي مَوَاضِعَ بِالِاتِّفَاقِ وَفِي مَوَاضِعَ عَلَى رَأْيٍ وَهَذِهِ يَتَعَدَّى حُكْمُهَا مَحَلَّ سَبَبِهَا إلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ وَتِلْكَ يَخْتَصُّ حُكْمُهَا بِمَحَلِّهَا. وَهَذِهِ تَجِبُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ السَّبَبِ أَوْ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ وَتِلْكَ تَجِبُ فِي مَحَلِّ السَّبَبِ فَقَطْ وَهَذِهِ حِسِّيَّةٌ وَتِلْكَ عَقْلِيَّةٌ وَهَذِهِ جَارِيَةٌ فِي أَكْثَرِ أُمُورِهَا عَلَى سُنَنِ مُقَايِسِ الْبَحَّاثِينَ وَتِلْكَ مُسْتَصْعَبَةٌ عَلَى سَبْرِ الْقِيَاسِ وَهَذِهِ وَاجِبَةٌ بِالِاتِّفَاقِ وَفِي وُجُوبِ الْأُخْرَى خِلَافٌ مَعْلُومٌ. وَهَذِهِ لَهَا بَدَلٌ وَفِي بَدَلِ تِلْكَ فِي الْبَدَنِ خَاصَّةً خِلَافٌ ظَاهِرٌ. وَبِالْجُمْلَةِ فَقِيَاسُ هَذِهِ الطَّهَارَةِ عَلَى تِلْكَ الطَّهَارَةِ كَقِيَاسِ الصَّلَاةِ عَلَى الْحَجِّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ عِبَادَةٌ وَتِلْكَ عِبَادَةٌ مَعَ اخْتِلَافِ الْحَقِيقَتَيْنِ. وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّالِثُ: وَهُوَ إلْحَاقُهُ بِالْمَذْيِ فَقَدْ مُنِعَ الْحُكْمُ فِي الْأَصْلِ عَلَى قَوْلٍ بِطَهَارَةِ الْمَذْيِ وَالْأَكْثَرُونَ سَلَّمُوهُ وَفَرَّقُوا بِافْتِرَاقِ الْحَقِيقَتَيْنِ؛ فَإِنَّ هَذَا يُخْلَقُ مِنْهُ الْوَلَدُ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الْإِنْسَانِ وَذَلِكَ بِخِلَافِهِ. أَلَا