قُلْنَا: النُّخَامَةُ الْمُعْدِيَةُ - إذَا قِيلَ: بِنَجَاسَتِهَا - مُعْتَادَةٌ وَكَذَلِكَ الرِّيحُ. وَأَيْضًا فَإِنَّا نَقُولُ: لِمَ قُلْتُمْ إنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْمَخْرَجِ؟ وَلِمَ لَا يُقَالُ الِاعْتِبَارُ بِالْمَعْدِنِ والمستحال فَمَا خُلِقَ فِي أَعْلَى الْبَدَنِ فَطَاهِرٌ وَمَا خُلِقَ فِي أَسْفَلِهِ فَنَجِسٌ وَالْمَنِيُّ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنَ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ؛ بِخِلَافِ الْبَوْلِ وَالْوَدْيِ. وَهَذَا أَشَدُّ اطِّرَادًا؛ لِأَنَّ الْقَيْءَ وَالنُّخَامَةَ الْمُنَجَّسَةَ خَارِجَانِ مِنْ الْفَمِ لَكِنْ لَمَّا اسْتَحَالَا فِي الْمَعِدَةِ كَانَا نَجِسَيْنِ. وَأَيْضًا فَسَوْفَ نُفَرِّقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَأَمَّا الْوَجْهُ الْخَامِسُ فَقَوْلُهُمْ: مُسْتَحِيلٌ عَنْ الدَّمِ وَالِاسْتِحَالَةُ لَا تُطَهِّرُ: عَنْهُ عِدَّةُ أَجْوِبَةٍ مُسْتَنِيرَةٍ قَاطِعَةٍ. أَحَدُهَا: أَنَّهُ مَنْقُوضٌ بِالْآدَمِيِّ وَبِمُضْغَتِهِ فَإِنَّهُمَا مُسْتَحِيلَانِ عَنْهُ وَبَعْدَهُ عَنْ الْعَلَقَةِ وَهِيَ دَمٌ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِنَجَاسَتِهِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْبَهَائِمِ الْمَأْكُولَةِ. وَثَانِيهَا: أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الدَّمَ قَبْلَ ظُهُورِهِ وَبُرُوزِهِ يَكُونُ نَجِسًا فَلَا بُدَّ مِنْ الدَّلِيلِ عَلَى تَنْجِيسِهِ وَلَا يُغْنِي الْقِيَاسُ عَلَيْهِ إذَا ظَهَرَ وَبَرَزَ بِاتِّفَاقِ الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لِلدَّلِيلِ عَلَى طَهَارَتِهِ وُجُوهٌ: أَحَدُهَا: أَنَّ النَّجِسَ هُوَ الْمُسْتَقْذَرُ الْمُسْتَخْبَثُ وَهَذَا الْوَصْفُ لَا يَثْبُتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute