للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنْ قِيلَ: فَلَعَلَّ بَيْنَهُمَا حَاجِزًا. قِيلَ: الْأَصْلُ عَدَمُهُ عَلَى أَنَّ ذِكْرَهُ هَذَا فِي مَعْرِضِ بَيَانِ ذِكْرِ الِاقْتِدَارِ بِإِخْرَاجِ طَيِّبٍ مِنْ بَيْنِ خَبِيثَيْنِ فِي الِاغْتِذَاءِ وَلَا يَتِمُّ إلَّا مَعَ عَدَمِ الْحَاجِزِ وَإِلَّا فَهُوَ مَعَ الْحَاجِزِ ظَاهِرٌ فِي كَمَالِ خَلْقِهِ سُبْحَانَهُ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {خَالِصًا} وَالْخُلُوصُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعَ قِيَامِ الْمُوجِبِ لِلشُّرْبِ وَبِالْجُمْلَةِ فَخُرُوجُ اللَّبَنِ مِنْ بَيْنِ الْفَرْثِ وَالدَّمِ أَشْبَهُ شَيْءٍ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ مَخْرَجِ الْبَوْلِ وَقَدْ سَلَكَ هَذَا الْمَسْلَكَ مَنْ رَأَى إنْفَحَةَ الْمَيْتَةِ وَلَبَنَهَا طَاهِرًا لِأَنَّهُ كَانَ طَاهِرًا وَإِنَّمَا حَدَثُ نَجَاسَةِ الْوِعَاءِ فَقَالَ: الْمُلَاقَاةُ فِي الْبَاطِنِ غَيْرُ ظَاهِرٍ. وَمَنْ نَجَّسَ هَذَا فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَنِيِّ بِأَنَّ الْمَنِيَّ يَنْفَصِلُ عَنْ النَّجِسِ فِي الْبَاطِنِ أَيْضًا بِخِلَافِ اللَّبَنِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ مِنْ الْمَيْتَةِ إلَّا بَعْدَ إبْرَازِ الضَّرْعِ وَحِينَئِذٍ يَصِيرُ فِي حَدِّ مَا يَلْحَقُهُ النَّجَاسَةُ. {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى. وَهَذَا الَّذِي حَضَرَنِي فِي هَذَا الْوَقْتِ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.