بَلْ هِيَ أَعْيَانٌ طَيِّبَةٌ فَيَتَنَاوَلُهَا نَصُّ التَّحْلِيلِ وَهِيَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ الْخَمْرِ الْمُنْقَلِبَةِ بِنَفْسِهَا وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْفَرْقِ بِأَنَّ الْخَمْرَ نَجُسَتْ بِالِاسْتِحَالَةِ فَتَطْهُرُ بِالِاسْتِحَالَةِ بَاطِلٌ؛ فَإِنَّ جَمِيعَ النَّجَاسَاتِ إنَّمَا نَجُسَتْ بِالِاسْتِحَالَةِ: كَالدَّمِ فَإِنَّهُ مُسْتَحِيلٌ عَنْ الْغِذَاءِ الطَّاهِرِ وَكَذَلِكَ الْبَوْلُ وَالْعَذِرَةُ حَتَّى الْحَيَوَانُ النَّجِسُ مُسْتَحِيلٌ عَنْ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الطَّاهِرَاتِ. وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ النَّجَاسَةَ طَهُرَتْ بِالِاسْتِحَالَةِ فَإِنَّ نَفْسَ النَّجِسِ لَمْ يَطْهُرْ لَكِنْ اسْتَحَالَ وَهَذَا الطَّاهِرُ لَيْسَ هُوَ ذَلِكَ النَّجِسَ وَإِنْ كَانَ مُسْتَحِيلًا مِنْهُ وَالْمَادَّةُ وَاحِدَةٌ كَمَا أَنَّ الْمَاءَ لَيْسَ هُوَ الزَّرْعَ وَالْهَوَاءَ وَالْحَبَّ وَتُرَابُ الْمَقْبَرَةِ لَيْسَ هُوَ الْمَيِّتَ وَالْإِنْسَانُ لَيْسَ هُوَ الْمَنِيَّ. وَاَللَّهُ تَعَالَى يَخْلُقُ أَجْسَامَ الْعَالَمِ بَعْضَهَا مِنْ بَعْضٍ وَيُحِيلُ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ وَهِيَ تُبَدَّلُ مَعَ الْحَقَائِقِ لَيْسَ هَذَا هَذَا. فَكَيْفَ يَكُونُ الرَّمَادُ هُوَ الْعَظْمَ الْمَيِّتَ وَاللَّحْمَ وَالدَّمَ نَفْسَهُ. بِمَعْنَى أَنَّهُ يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الْعَظْمِ. وَأَمَّا كَوْنُهُ هُوَ هُوَ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ وَالْمَادَّةِ فَهَذَا لَا يَضُرُّ فَإِنَّ التَّحْرِيمَ يَتْبَعُ الِاسْمَ وَالْمَعْنَى الَّذِي هُوَ الْخَبَثُ وَكِلَاهُمَا مُنْتَفٍ. وَعَلَى هَذَا فَدُخَانُ النَّارِ الْمُوقَدَةِ بِالنَّجَاسَةِ طَاهِرٌ وَبُخَارُ الْمَاءِ النَّجِسِ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِي السَّقْفِ طَاهِرٌ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِنْ الْمَسَائِلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute