تَغْتَسِلَ إذَا كَانَتْ قَادِرَةً عَلَى الِاغْتِسَالِ وَإِلَّا تَيَمَّمَتْ. كَمَا هُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ كَمَالِكِ وَأَحْمَد وَالشَّافِعِيِّ. وَهَذَا مَعْنَى مَا يُرْوَى عَنْ الصَّحَابَةِ حَيْثُ رُوِيَ عَنْ بِضْعَةَ عَشَرَ مِنْ الصَّحَابَةِ - مِنْهُمْ الْخُلَفَاءُ - أَنَّهُمْ قَالُوا: فِي الْمُعْتَدَّةِ هُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ تَغْتَسِلْ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ. وَالْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} قَالَ مُجَاهِدٌ: حَتَّى يَطْهُرْنَ يَعْنِي يَنْقَطِعُ الدَّمُ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ اغْتَسَلْنَ بِالْمَاءِ وَهُوَ كَمَا قَالَ مُجَاهِدٌ. وَإِنَّمَا ذَكَرَ اللَّهُ غَايَتَيْنِ عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ لِأَنَّ قَوْلَهُ: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} غَايَةُ التَّحْرِيمِ الْحَاصِلُ بِالْحَيْضِ وَهُوَ تَحْرِيمٌ لَا يَزُولُ بِالِاغْتِسَالِ وَلَا غَيْرِهِ فَهَذَا التَّحْرِيمُ يَزُولُ بِانْقِطَاعِ الدَّمِ ثُمَّ يَبْقَى الْوَطْءُ بَعْدَ ذَلِكَ جَائِزًا بِشَرْطِ الِاغْتِسَالِ لَا يَبْقَى مُحَرَّمًا عَلَى الْإِطْلَاقِ فَلِهَذَا قَالَ: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} . وَهَذَا كَقَوْلِهِ: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} فَنِكَاحُ الزَّوْجِ الثَّانِي غَايَةُ التَّحْرِيمِ الْحَاصِلِ بِالثَّلَاثِ فَإِذَا نَكَحَتْ الزَّوْجَ الثَّانِيَ زَالَ ذَلِكَ التَّحْرِيمُ؛ لَكِنْ صَارَتْ فِي عِصْمَةِ الثَّانِي فَحُرِّمَتْ لِأَجْلِ حَقِّهِ؛ لَا لِأَجْلِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ. فَإِذَا طَلَّقَهَا جَازَ لِلْأَوَّلِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute