عَلَى التَّرْكِ لِاجْتِهَادِهِ، أَوْ تَقْلِيدِهِ، أَوْ جَهْلِهِ الَّذِي يُعْذَرُ بِهِ أَوْلَى وَأَحْرَى. وَكَمَا أَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ، فَالتَّوْبَةُ تَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهَا، لَا سِيَّمَا تَوْبَةُ الْمَعْذُورِ الَّذِي بَلَغَهُ النَّصُّ، أَوْ فَهِمَهُ بَعْدَ إنْ لَمْ يَكُنْ تَمَكَّنَ مِنْ سَمِعَهُ وَفَهِمَهُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ جِدًّا إلَى الْغَايَةِ. وَكَذَلِكَ مَا فَعَلَهُ من الْعُقُودِ والقبوض الَّتِي لَمْ يَبْلُغْهُ تَحْرِيمَهَا لِجَهْلِ يُعْذَرُ بِهِ، أَوْ تَأْوِيلٍ. فَعَلَى إحْدَى الْقَوْلَيْنِ حُكْمُهُ فِيهَا هَذَا الْحُكْمُ وَأَوْلَى. فَإِذَا عَامَلَ مُعَامَلَةً يَعْتَقِدُ جَوَازَهَا بِتَأْوِيلِ: مِنْ رِبًا، أَوْ مَيْسِرٍ، أَوْ ثَمَنِ خَمْرٍ، أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ وَتَابَ، أَوْ تَحَاكَمَ إلَيْنَا، أَوْ اسْتَفْتَانَا، فَإِنَّهُ يُقَرُّ عَلَى مَا قَبَضَهُ بِهَذِهِ الْعُقُودِ، وَيُقَرُّ عَلَى النِّكَاح الَّذِي مَضَى مُفْسِدُهُ، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ قَدْ تَزَوَّجَ بِلَا وَلِيٍّ أَوْ بِلَا شُهُودٍ مُعْتَقِدًا جَوَازَ ذَلِكَ، أَوْ نَكَحَ الْخَامِسَةَ فِي عِدَّةِ الرَّابِعَةِ، أَوْ نِكَاحَ تَحْلِيلٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ وَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ فِيمَا بَعْدُ فَسَادَ النِّكَاحِ، فَإِنَّهُ يُقَرُّ عَلَيْهِ. أَمَا إذَا كَانَ نَكَحَ بِاجْتِهَادٍ وَتَبَيَّنَ لَهُ الْفَسَادُ بِاجْتِهَادِ فَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ، لَا فِي الْحُكْمِ وَلَا فِي الْفُتْيَا أَيْضًا، فَهَذَا مَأْخَذٌ آخَرُ. وَإِنَّمَا الْغَرَضُ هُنَا أَنَّهُ لَوْ تَيَقَّنَ التَّحْرِيمَ بِالنَّصِّ الْقَاطِعِ. كَتَيَقُّنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute