للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَفْعَلَهَا إلَّا فَائِتَةً وَيَبْقَى إثْمُ التَّأْخِيرِ مِنْ بَابِ الْكَبَائِرِ الَّتِي تَمْحُوهَا التَّوْبَةُ وَنَحْوُهَا وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْفَرَائِضِ فَيُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهَا بِالْقَضَاءِ. وَأَمَّا الْأُمَرَاءُ الَّذِينَ كَانُوا يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قِتَالِهِمْ فَإِنْ قِيلَ: إنَّهُمْ كَانُوا يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ قِيلَ - وَهُوَ الصَّحِيحُ - إنَّهُمْ كَانُوا يُفَوِّتُونَهَا فَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأُمَّةَ بِالصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ. وَقَالَ: {اجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ نَافِلَةً} وَنَهَى عَنْ قِتَالِهِمْ كَمَا نَهَى عَنْ قِتَالِ الْأَئِمَّةِ إذْ اسْتَأْثَرُوا وَظَلَمُوا النَّاسَ حُقُوقَهُمْ وَاعْتَدَوْا عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانَ يَقَعُ مِنْ الْكَبَائِرِ فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ مَا يَقَعُ. وَمُؤَخِّرُهَا عَنْ وَقْتِهَا فَاسِقٌ وَالْأَئِمَّةُ لَا يُقَاتِلُونَ بِمُجَرَّدِ الْفِسْقِ وَإِنْ كَانَ الْوَاحِدُ الْمَقْدُورُ قَدْ يُقْتَلُ لِبَعْضِ أَنْوَاعِ الْفِسْقِ: كَالزِّنَا وَغَيْرِهِ. فَلَيْسَ كُلُّ مَا جَازَ فِيهِ الْقَتْلُ جَازَ أَنْ يُقَاتَلَ الْأَئِمَّةُ لِفِعْلِهِمْ إيَّاهُ؛ إذْ فَسَادُ الْقِتَالِ أَعْظَمُ مِنْ فَسَادِ كَبِيرَةٍ يَرْتَكِبُهَا وَلِيُّ الْأَمْرِ. وَلِهَذَا نَصَّ مَنْ نَصَّ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّ النَّافِلَةَ تُصَلَّى خَلْفَ الْفُسَّاقِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالصَّلَاةِ خَلْفَ الْأُمَرَاءِ الَّذِينَ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا وَهَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ فُسَّاقٌ وَقَدْ أَمَرَ بِفِعْلِهَا خَلْفَهُمْ نَافِلَةً.