للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمَّا الْعَدَدُ فَمَعْلُومٌ أَنَّهَا خَمْسُ صَلَوَاتٍ: ثَلَاثَةٌ رُبَاعِيَّةٌ وَوَاحِدَةٌ ثُلَاثِيَّةٌ وَوَاحِدَةٌ ثُنَائِيَّةٌ هَذَا فِي الْحَضَرِ. وَأَمَّا فِي السَّفَرِ فَقَدْ سَافَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثِينَ سُفْرَةً وَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فِي أَسْفَارِهِ وَلَمْ يَنْقُلْ عَنْهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ صَلَّى فِي السَّفَرِ الْفَرْضَ أَرْبَعًا قَطُّ حَتَّى فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهِيَ آخِرُ أَسْفَارِهِ كَانَ يُصَلِّي بِالْمُسْلِمِينَ فِي الصَّلَوَاتِ: رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ. وَهَذَا مِنْ الْعِلْمِ الْعَامِّ الْمُسْتَفِيضِ الْمُتَوَاتِرِ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَى نَقْلِهِ عَنْهُ جَمِيعُ أَصْحَابِهِ وَمَنْ أَخَذَ الْعِلْمَ عَنْهُمْ. وَالْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الدارقطني عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ {النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْصُرُ فِي السَّفَرِ وَيُتِمُّ وَيُفْطِرُ وَتَصُومُ} . بَاطِلٌ فِي الْإِتْمَامِ. وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي الْإِفْطَارِ؛ بِخِلَافِ النَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ الْمُسْتَفِيضِ. وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا بَعْدُ قَطُّ. وَكَيْفَ يَكُونُ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَسْفَارِهِ إنَّمَا كَانَ يُصَلِّي الْفَرْضَ إمَامًا لَكِنْ مَرَّةً فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ احْتَبَسَ لِلطَّهَارَةِ سَاعَةً فَقَدَّمُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَأَدْرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ بَعْضَ الصَّلَاةِ فَلَوْ صَلَّى بِهِمْ أَرْبَعًا فِي السَّفَرِ لَكَانَ هَذَا مِنْ أَوْكَدِ مَا تَتَوَفَّرُ هِمَمُهُمْ وَدَوَاعِيهِمْ عَلَى نَقْلِهِ؛ لِمُخَالَفَتِهِ سُنَّتَهُ الْمُسْتَمِرَّةَ؛ وَعَادَتَهُ الدَّائِمَةَ كَمَا نَقَلُوا أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ أَحْيَانًا. فَلَمَّا لَمْ يَنْقُلْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْهُمْ عُلِمَ قَطْعًا أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ.