للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَوَى الْمُسَافِرُ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا لَكَرِهَ لَهُ ذَلِكَ وَكَانَتْ السُّنَّةُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَنُصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَد إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. وَقَدْ تَنَازَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي التَّرْبِيعِ فِي السَّفَرِ: هَلْ هُوَ مُحَرَّمٌ؟ أَوْ مَكْرُوهٌ؟ أَوْ تَرْكُ الْأَفْضَلِ. أَوْ هُوَ أَفْضَلُ. عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ: فَالْأَوَّلُ: قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَرِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ. وَالثَّانِي: رِوَايَةٌ عَنْهُ وَعَنْ أَحْمَد. وَالثَّالِثُ: رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَد وَأَصَحُّ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ. وَالرَّابِعُ: قَوْلٌ لَهُ. والرَّابِعُ خَطَأٌ قَطْعًا لَا رَيْبَ فِيهِ. وَالثَّالِثُ ضَعِيفٌ: وَإِنَّمَا الْمُتَوَجِّهُ أَنْ يَكُونَ التَّرْبِيعُ إمَّا مُحَرَّمٌ أَوْ مَكْرُوهٌ لِأَنَّ طَائِفَةً مِنْ الصَّحَابَةِ كَانُوا يُرَبِّعُونَ وَكَانَ الْآخَرُونَ لَا يُنْكِرُونَهُ عَلَيْهِمْ إنْكَارَ مَنْ فَعَلَ الْمُحَرَّمَ بَلْ إنْكَارَ مَنْ فَعَلَ الْمَكْرُوهَ. وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} فَهُنَا عَلَّقَ الْقَصْرَ بِسَبَبَيْنِ: الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ وَالْخَوْفِ مِنْ فِتْنَةِ الَّذِينَ كَفَرُوا؛ لِأَنَّ الْقَصْرَ الْمُطْلَقَ يَتَنَاوَلُ قَصْرَ عَدَدِهَا وَقَصْرَ عَمَلِهَا وَأَرْكَانِهَا. مِثْلَ الْإِيمَاءِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَهَذَا الْقَصْرُ إنَّمَا يَشْرَعُ بِالسَّبَبَيْنِ كِلَاهُمَا