وَذَكَرَ الِاعْتِقَادَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي " الْمَقَالَاتِ " عَنْ أَهْلِ السُّنَّة ثُمَّ احْتَجَّ عَلَى أَبْوَابِ الْأُصُولِ مِثْلَ " مَسْأَلَةِ الْقُرْآنِ " " وَالرُّؤْيَةِ " " وَالصِّفَاتِ "
ثُمَّ قَالَ: بَابُ ذِكْرِ الِاسْتِوَاءِ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا تَقُولُونَ فِي الِاسْتِوَاءِ: قِيلَ بِأَنَّ اللَّهَ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ. كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} وَقَالَ: {إلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} وَقَالَ سُبْحَانَهُ: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إلَيْهِ} وَقَالَ فِرْعَوْنُ: {يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ} {أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إلَى إلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} كَذَّبَ مُوسَى فِي قَوْلِهِ إنَّ اللَّهَ فَوْقَ السَّمَوَاتِ. وَقَالَ: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ} وَالسَّمَوَاتُ فَوْقَهَا الْعَرْشُ وَإِنَّمَا أَرَادَ الْعَرْشَ الَّذِي هُوَ عَلَى السَّمَوَاتِ أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ السَّمَوَاتِ فَقَالَ: {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا} لَمْ يُرِدْ أَنَّ الْقَمَرَ يَمْلَؤُهُنَّ جَمِيعًا وَأَنَّهُ فِيهِنَّ جَمِيعًا. وَرَأَيْنَا الْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ إذَا دَعَوْا نَحْوَ الْعَرْشِ. قَالَ وَقَدْ قَالَ قَائِلُونَ: مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْجَهْمِيَّة والحرورية إنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} أَيْ اسْتَوْلَى وَمَلَكَ وَقَهَرَ. وَاَللَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَجَحَدُوا أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَلَى عَرْشِهِ كَمَا قَالَهُ أَهْلُ الْحَقِّ. قَالَ: وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالُوا: كَانَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَرْشِ وَبَيْنَ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ السُّفْلَى؛ لِأَنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَقَدَّرَ ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute