الْفَلَاسِفَةِ الْمَشَّائِينَ أَصْحَابِ أَرِسْطُو وَغَيْرِ الْمَشَّائِينَ مُتَقَدِّمِيهِمْ وَمُتَأَخِّرِيهِمْ: كَأَفْضَلِ مُتَأَخِّرِيهِمْ " ابْنِ سِينَا " وَأَوْحَدِهِمْ فِي زَمَانِهِ " أَبِي الْبَرَكَاتِ " وَذَكَرْت حُجَجَهُمْ. فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْبَابَ قَدْ كَثُرَ فِيهِ الِاضْطِرَابُ وَحَارَ فِيهِ طَوَائِفُ مِنْ الْفُضَلَاءِ الْأَذْكِيَاءِ؛ لِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ عِنْدَهُمْ. وَقَرَّرْت الْأَدِلَّةَ اللَّفْظِيَّةَ الصَّحِيحَةَ وَمَيَّزْت بَيْنَهَا وَبَيْنَ الشُّبُهَاتِ الْفَاسِدَةِ، مَعَ مَا يَجِيءُ فِي ضِمْنِ ذَلِكَ مِنْ أُصُولٍ عَظِيمَةٍ وَقَوَاعِدَ جَسِيمَةٍ. مِنْ أَوَّلِهَا - وَهُوَ مِنْ أَجَلِّ الْأُمُورِ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ - مِنْ تَقْرِيرِ اسْتِدَارَةِ الْأَفْلَاكِ. فَإِنِّي قَرَّرْت ذَلِكَ وَذَكَرْت كَلَامَ مَنْ ذَكَرَ إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ذَلِكَ: مِثْلُ ابْنِ الْمُنَادِي وَابْنِ حَزْمٍ وَابْنِ الْجَوْزِيِّ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ الْحِسَابِيَّةِ السَّمْعِيَّةِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إلَى أَمْثَالِ ذَلِكَ مِمَّا يَطُولُ وَصْفُهُ. وَأَيْضًا لَمَّا كُنْت فِي الْبُرْجِ ذُكِرَ لِي أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ عَلَّقَ مُؤَاخَذَةً عَلَى الْفُتْيَا " الحموية " وَأُرْسِلَتْ إلَيَّ وَقَدْ كَتَبْت فِيمَا بَلَغَ مُجَلَّدَاتٍ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ. وَالنَّاسُ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ الْحَنْبَلِيَّةِ وَالْأَشْعَرِيَّةِ وَحْشَةٌ وَمُنَافَرَةٌ. وَأَنَا كُنْت مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ تَأْلِيفًا لِقُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ وَطَلَبًا لِاتِّفَاقِ كَلِمَتِهِمْ وَاتِّبَاعًا لِمَا أُمِرْنَا بِهِ مِنْ الِاعْتِصَامِ بِحَبْلِ اللَّهِ وَأَزَلْت عَامَّةَ مَا كَانَ فِي النُّفُوسِ مِنْ الْوَحْشَةِ وَبَيَّنْت لَهُمْ أَنَّ الْأَشْعَرِيَّ كَانَ مِنْ أَجَلِّ الْمُتَكَلِّمِينَ الْمُنْتَسِبِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute