للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَمْ يَكُنْ كُلٌّ مِنْهُمْ يَتَّخِذُ لَهُ خُمْرَةً بَلْ كَانُوا يَسْجُدُونَ عَلَى التُّرَابِ وَالْحَصَى كَمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مُسْتَحَبًّا أَوْ سُنَّةً لَفَعَلُوهُ وَلَأَمَرَهُمْ بِهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ كَانَ رُخْصَةً لِأَجْلِ الْحَاجَةِ إلَى مَا يَدْفَعُ الْأَذَى عَنْ الْمُصَلِّي وَهُمْ كَانُوا يَدْفَعُونَ الْأَذَى بِثِيَابِهِمْ وَنَحْوِهَا وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الصَّحَابَةَ فِي عَهْدِهِ وَبَعْدَهُ أَفْضَلُ مِنَّا وَأَتْبَعُ لِلسُّنَّةِ وَأَطْوَعُ لِأَمْرِهِ فَلَوْ كَانَ الْمَقْصُودُ بِذَلِكَ مَا يَقْصِدُهُ مُتَّخِذُو السَّجَّادَاتِ لَكَانَ الصَّحَابَةُ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ. الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ الْمَسْجِدَ لَمْ يَكُنْ مَفْرُوشًا بَلْ كَانَ تُرَابًا وَحَصًى وَقَدْ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْحَصِيرِ وَفِرَاشِ امْرَأَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَمْ يُصَلِّ هُنَاكَ لَا عَلَى خُمْرَةٍ وَلَا سَجَّادَةٍ وَلَا غَيْرِهَا. فَإِنْ قِيلَ: فَفِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ وَعَائِشَةَ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْخُمْرَةِ فِي بَيْتِهِ فَإِنَّهُ قَالَ: نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ مِنْ الْمَسْجِدِ. وَأَيْضًا فَفِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ الْمُتَقَدِّمِ مَا يُشْعِرُ بِذَلِكَ. قِيلَ: مَنْ اتَّخَذَ السَّجَّادَةِ لِيَفْرِشْهَا عَلَى حُصْرِ الْمَسْجِدِ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي هَذَا الْفِعْلِ حُجَّةٌ فِي السُّنَّةِ بَلْ كَانَتْ الْبِدْعَةُ فِي ذَلِكَ مُنْكَرَةٌ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ هَؤُلَاءِ يَتَّقِي أَحَدُهُمْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الْأَرْضِ حَذَرًا أَنْ