للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلَّا فِيهِ فَإِذَا كَانَ لَيْسَ لَهُ مُلَازَمَةُ مَكَانٍ بِعَيْنِهِ لِلصَّلَاةِ كَيْفَ بِمَنْ يَتَحَجَّرُ بُقْعَةً دَائِمًا. هَذَا لَوْ كَانَ إنَّمَا يَفْعَلُ فِيهَا مَا يُبْنَى لَهُ الْمَسْجِدُ مِنْ الصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَكَيْفَ إذَا اتَّخَذَ الْمَسْجِدَ بِمَنْزِلَةِ الْبُيُوتِ فِيهِ أَكْلُهُ وَشُرْبُهُ وَنَوْمُهُ وَسَائِرُ أَحْوَالِهِ الَّتِي تَشْتَمِلُ عَلَى مَا لَمْ تُبْنَ الْمَسَاجِدُ لَهُ دَائِمًا؛ فَإِنَّ هَذَا يُمْنَعُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّمَا وَقَعَتْ الرُّخْصَةُ فِي بَعْضِ ذَلِكَ لِذَوِي الْحَاجَةِ مِثْلِ مَا كَانَ أَهْلُ الصُّفَّةِ: كَانَ الرَّجُلُ يَأْتِي مُهَاجِرًا إلَى الْمَدِينَةِ وَلَيْسَ لَهُ مَكَانٌ يَأْوِي إلَيْهِ فَيُقِيمُ بِالصُّفَّةِ إلَى أَنْ يَتَيَسَّرَ لَهُ أَهْلٌ أَوْ مَكَانٌ يَأْوِي إلَيْهِ ثُمَّ يَنْتَقِلُ. وَمِثْلِ الْمِسْكِينَةِ الَّتِي كَانَتْ تَأْوِي إلَى الْمَسْجِدِ وَكَانَتْ تَقُمُّهُ. وَمِثْلِ مَا كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَبِيتُ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ عَزَبٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيْتٌ يَأْوِي إلَيْهِ حَتَّى تَزَوَّجَ. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: لَمَّا تَقَاوَلَ هُوَ وَفَاطِمَةُ ذَهَبَ إلَى الْمَسْجِدِ فَنَامَ فِيهِ. فَيَجِبُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَمْرِ الْيَسِيرِ وَذَوِي الْحَاجَاتِ وَبَيْنَ مَا يَصِيرُ عَادَةً وَيَكْثُرُ وَمَا يَكُونُ لِغَيْرِ ذَوِي الْحَاجَاتِ؛ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا تَتَّخِذُوا الْمَسْجِدَ مَبِيتًا وَمَقِيلًا. هَذَا وَلَمْ يَفْعَلْ فِيهِ إلَّا النَّوْمُ فَكَيْفَ مَا ذَكَرَ مِنْ الْأُمُورِ وَالْعُلَمَاءُ قَدْ تَنَازَعُوا فِي الْمُعْتَكِفِ هَلْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْكُلَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي بَيْتِهِ مَعَ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِمُلَازَمَةِ الْمَسْجِدِ وَأَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْهُ إلَّا لِحَاجَةِ وَالْأَئِمَّةُ كَرِهُوا اتِّخَاذَ الْمَقَاصِيرَ فِي الْمَسْجِدِ لَمَّا أَحْدَثَهَا بَعْضُ الْمُلُوكِ؛ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ خَاصَّةً وَأُولَئِكَ إنَّمَا