وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ التَّلَفُّظَ بِالنِّيَّةِ لَا يَجِبُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ: وَلَكِنَّ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ خَرَّجَ وَجْهًا فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ بِوُجُوبِ ذَلِكَ وَغَلَّطَهُ جَمَاهِيرُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَكَانَ غَلَطُهُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ: لَا بُدَّ مِنْ النُّطْقِ فِي أَوَّلِهَا فَظَنَّ هَذَا الغالط أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَرَادَ النُّطْقَ بِالنِّيَّةِ فَغَلَّطَهُ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ جَمِيعُهُمْ وَقَالُوا: إنَّمَا أَرَادَ النُّطْقَ بِالتَّكْبِيرِ لَا بِالنِّيَّةِ. وَلَكِنَّ التَّلَفُّظَ بِهَا هَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ؟ أَمْ لَا؟ هَذَا فِيهِ قَوْلَانِ مَعْرُوفَانِ لِلْفُقَهَاءِ. مِنْهُمْ مَنْ اسْتَحَبَّ التَّلَفُّظَ بِهَا كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ مَنْ ذَكَرَهُ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَقَالُوا: التَّلَفُّظُ بِهَا أَوْكَدُ وَاسْتَحَبُّوا التَّلَفُّظَ بِهَا فِي الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَسْتَحِبَّ التَّلَفُّظَ بِهَا كَمَا قَالَ ذَلِكَ مَنْ قَالَهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا. وَهَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَد سُئِلَ تَقُولُ قَبْلَ التَّكْبِيرِ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا. وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَقُولُ قَبْلَ التَّكْبِيرِ شَيْئًا وَلَمْ يَكُنْ يَتَلَفَّظُ بِالنِّيَّةِ لَا فِي الطَّهَارَةِ وَلَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي الصِّيَامِ وَلَا فِي الْحَجِّ. وَلَا غَيْرِهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ وَلَا خُلَفَاؤُهُ وَلَا أَمَرَ أَحَدًا أَنْ يَتَلَفَّظَ بِالنِّيَّةِ بَلْ قَالَ لِمَنْ عَلَّمَهُ الصَّلَاةَ: كَبِّرْ؛ كَمَا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute