للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ؛ بَلْ كُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَشْرَعُ الْجَهْرُ بِالنِّيَّةِ وَمَنْ جَهَرَ بِالنِّيَّةِ فَهُوَ مُخْطِئٌ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ بِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ الدِّينِ؛ بَلْ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَسَائِرِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ إذَا نَوَى بِقَلْبِهِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِلِسَانِهِ بِالنِّيَّةِ لَا سِرًّا وَلَا جَهْرًا كَانَتْ صَحِيحَةً وَلَا يَجِبُ التَّكَلُّمُ بِالنِّيَّةِ. لَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ حَتَّى أَنَّ بَعْضَ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ لَمَّا ذَكَرَ وَجْهًا مُخَرَّجًا: أَنَّ اللَّفْظَ بِالنِّيَّةِ لَا وَاجِبٌ. غَلَّطَهُ بَقِيَّةُ أَصْحَابِهِ وَقَالُوا: إنَّمَا أَوْجَبَ الشَّافِعِيُّ النُّطْقَ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ بِالتَّكْبِيرِ لَا بِالنِّيَّةِ. وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَلَمْ يَتَنَازَعُوا فِي أَنَّ النُّطْقَ بِالنِّيَّةِ لَا يَجِبُ وَكَذَلِكَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَد وَأَصْحَابُهُ؛ بَلْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ: هَلْ يُسْتَحَبُّ التَّلَفُّظُ بِالنِّيَّةِ سِرًّا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: فَقَالَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد: يُسْتَحَبُّ التَّلَفُّظُ بِالنِّيَّةِ لَا الْجَهْرُ بِهَا وَلَا يَجِبُ التَّلَفُّظُ وَلَا الْجَهْرُ. وَقَالَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمْ: بَلْ لَا يُسْتَحَبُّ التَّلَفُّظُ بِالنِّيَّةِ لَا سِرًّا وَلَا جَهْرًا كَمَا لَا يَجِبُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ لَمْ يَكُونُوا يَتَلَفَّظُونَ بِالنِّيَّةِ لَا سِرًّا وَلَا جَهْرًا وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ.