أَوَّلِ قِرَاءَةٍ وَلَا آخِرِهَا " إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْجَهْرِ لِأَنَّ أَنَسًا لَمْ يَنْفِ إلَّا مَا عَلِمَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ مَا كَانَ يَقُولُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِرًّا. وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَسْكُتُ؛ بَلْ يَصِلُ. التَّكْبِيرَ بِالْقِرَاءَةِ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ {أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ لَهُ: أَرَأَيْت سُكُوتَك بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ مَاذَا تَقُولُ} . وَمَنْ تَأَوَّلَ حَدِيثَ أَنَسٍ عَلَى نَفْيِ قِرَاءَتِهَا سِرًّا فَهُوَ مُقَابِلٌ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ مُرَادُ أَنَسٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ قَبْلَ غَيْرِهَا مِنْ السُّورِ وَهَذَا أَيْضًا ضَعِيفٌ فَإِنَّ هَذَا مِنْ الْعِلْمِ الْعَامِّ الَّذِي مَا زَالَ النَّاسُ يَفْعَلُونَهُ وَقَدْ كَانَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأُمَرَاءِ الَّذِينَ صَلَّى خَلْفَهُمْ أَنَسٌ يَقْرَءُونَ الْفَاتِحَةَ قَبْلَ السُّورَةِ وَلَمْ يُنَازِعْ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ وَلَا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ أَحَدٌ لَا أَنَسٌ وَلَا غَيْرُهُ وَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يَرْوِيَ أَنَسٌ هَذَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَيْهِ وَمَنْ رَوَى عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ شَكَّ هَلْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ الْبَسْمَلَةَ أَوْ لَا يَقْرَؤُهَا فَرِوَايَتُهُ تُوَافِقُ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ لِأَنَّ أَنَسًا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ هَلْ قَرَأَهَا سِرًّا أَمْ لَا وَإِنَّمَا نَفَى الْجَهْرَ.
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ الَّذِي اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ الْأَمْرَانِ: فِعْلُ الرَّوَاتِبِ فِي السَّفَرِ فَإِنَّهُ مَنْ شَاءَ فَعَلَهَا وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهَا بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ وَالصَّلَاةُ الَّتِي يَجُوزُ فِعْلُهَا وَتَرْكُهَا قَدْ يَكُونُ فِعْلُهَا أَحْيَانًا أَفْضَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute